يرى بعض من يعرفني أن إحدى فضائلي هي الشك في كل ما أقوم به. كنت قبل يومين قد سمعت وقرأت عن موت بائع سمك فقير يدعى حسن بطريقة بشعة. وبعدها رأيت كيف أن الجرائد العالمية ووكالات الأخبار أخذت الخبر ونشرته على نطاق واسع،
بتفاصيل قد تزيد أو تنقص. كما بدأت أرى أن الحقيقة والكذب يأكلان بعضهما بالتناوب في هذه الواقعة. مباشرة بعد سماعي الخبر، اتلت هاتفيًا وبكل وسائل الاتصال الممكنة، بأصدقائي لمعرفة الخيط الأبيض من الأسود من فاجعة قل نظيرها. كما ذهبت أبعد من ذلك، إذ سألت عن سن حسن، ووضعه الأسري، والبيت الذي يقطن فيه، وكيف تم دفنه في تلك الحفرة الغامضة التي تسمى "القبر"، وكيف قضى ليلته السابقة عن موته، وهل كانت له حبيبة أو زوجة وأولاد، ومنذ متى بدأ يبيع، أو يصطاد السمك، في مدينته الجبلية "الحُسيمة". وطبعًا، كل هذه الأسئلة، حين يُجاب عنها بكامل الحقيقة، تعطيني جوابًا مفصّلًا عن سؤال: كيف عاش حسن؟