المعجم الذي أقدمه هنا يروم غايتين، ويتوجه إلى جمهور مزدوج: للنقاد ولدارسي الأدب. يقدّم معارف ومفاهيم ومنهجيات ومراجع ومصادر تساعد على دراسة العمل الأدبي الذي يقع في خانة “الذات العميقة”، حسب تعبير بروست،
أو “الكتاب المفتوح” حسب تعبير سيغموند فرويد. لكن هذا الطريق المزدوج، سيتجاوز ازدواجيته وسرعان ما يبدأ في نسخ نفسه حتى يظهر في صور كثيرة، أحياناً محيّرة. إنه يدخل، في اتصال مباشر، في اهتمامات كل من اللساني، ودارس الكتابات المرجعية، والشغوف بالأعمال الاسترجاعية، والمؤرخ الأدبي، ودارس التعبيرات اللاواعية. لكن في النهاية يبدأ هذا الفريق في الالتئام، ويهتم بأعضائه، في احترام تام للتخصصات الملتئمة، تحت قيادة رجلين عظيمين، كثيراً ما لعبا في خيال الناس منذ قرون، الأول يُدعى “مصنّف المعاجم”، والثاني اسمه سيغموند فرويد. حين يبدأ مصنّف المعجم العمل يتخذ وتيرة منتظمة، يتحول اللقاء بالمصطلحات إلى مناظرة للتخصصات. إنه معجم، لكنه حكاية أيضاً. على القارئ ألا يستغرب إن بدأ المحلّل النفسي الفرنسي (جاك لاكان) يتبرم من محلّل نفسي ألماني (س. فرويد) يستند إلى أفكار لساني أو فقيه لغة ابن جلدته. فيعود الفرنسي للبحث عن لساني من أبناء جلدته (حالة ج. لاكان وإميل بنفينست)، فيحرضه لمهاجمة المحلل النفسي الألماني من خلال تقويض نظرية اللغوي الألماني: يتجسّد هذا النموذج في المواجهة غير المباشرة الساخنة بين جاك لاكان وسيغموند فرويد، ستجد ،عزيزي القارئ، تفاصيلها في مادة “كارل أبيل”. لا مجال للاتفاق إذن في هذه الساحة الحمراء. جنسية مقابل جنسية. مدرسة مقابل مدرسة. ولسان في مواجهة لسان. إن تاريخ النظرية يتدفّق في اللسان والأدب.