رواية السر الحارق تأليف ستيفان زفايغ .. حين يقطع الحطّاب شجرةً ليتدفأ بها، لا يفكّر في العصفور الذي يحرمه دفء عشّه بين أغصانها، ولكنّه يشفق عليه إذ يراه مقرورًا يناجي وهجًا كاذبًا خلف نافذته. كذلك هو الإنسان مع أخيه الإنسان، لحظة تستبدّ يه شهوة التملّك وتتضخم فيه نرجسية الذات. حطّابٌ لا تصمد أمامه أصلب الأشجار، ولا هو يهتمّ بما يسقط من فراخ.
لم يتوقف "ستيفان زفايغ" طوال مسيرته الإبداعية عن الحفر في باطن الذات الإنسانية ومكاشفة أدقّ خفاياها وأعنف انفعالاتها.
وبلا مواربة أو إيهام يضعنا أمام الحقيقة وهو يصوغها في روايته هذه (السرّ الحارق) على لسان طفلٍ في الثانية عشرة من عمره.
تحوّلت هذه الرواية إلى فيلم سينمائي ثلاث مرّات، كانت الأاولى عام 1933، وحينها منتعت الحكومة النازية عرض الفيلم في الصالات الألمانية. ثمّ في عام 1977 ثمّ في عام 1988.
شارك الكتاب مع اصدقائك
2022-07-24
كلما نُغمض اعيننا نخفي داخلنا سر، قد يكون لنا أو سر لشخصٍ قريباً منا، أو سرً لشخصٍ نجهله.
قد نتحمله أو نٌعاقب عليه فقط لإنه لا يستوجب علينا سوى أن نصمت وننتظر فقط.
عندما نصبح أطفال تتحول جميع الأسرار لطاقةٍ يٌصعب إحتمالها ولكنها في ذات الوقت تٌشعرنا بالقوة ولكن نجهل إستعمالها أو توجيهها،
هنا حمل ستيفان زفايغ إحدى الأسرار لطفلٍ لا يتجاوز العاشرة واظهر لنا براعة ومكنون نفس ذلك الطفل في ممارسته الطفولية وأفكاره التي نمت سريعاً تجاه ما يحدث.
إدغار طفل في الحادية عشر من عمره طفل كباقي الأطفال يقضي فترة نقائه من مرضه هو وأمه في إحدى المدن والده مٌسافر وهو يقضي وقته وحيداً يتطلع للحياة بعينٍ منفردة يشعر دائماً بالإنطواء والعزلة ومن إحدى مزايا كوننا أطفال هي حدة بصيرتنا ومراقبتنا لمن حولنا بعيوناً ثاقبة كالصقر، نتمنئ من خلالهم أن نرى أنفسنا
حتى وقعت أعين إدغار على روحٍ تمنئ أن تكون له يوماً ما.
نتميز نحنٌ الكبار أمام من هم أصغر سناً بالحكمة المفرطة والشجاعة والنبل بل وبالحقيقه وبالحب الذي نتمثل فيه من خلالهم .
إدغار ذلك الطفل الحزين تمسك بكل تلك الصور في ذلك البارون الوسيم ذلك الرجل الشجاع الذي أخرج إدغار الطفل التعيس من عالمه الصغير لحياةٍ مملؤه بالمغامرات والتجدد أستطاع البارون عبور جسر ذلك الطفل ودخول عالمه وجذبه إليه .
الأطفال ليسوا بأغبياء والحياة ليست بعادلة فكما تأخذ منها تأخذ منك.... وستيفان زفايغ أستطاع ببراعته المائلة للواقع أن ينشب لنا حرائق واقعية شعر بها إدغار ونقل لنا صورة حية بكل تفاصيلها
كم نتخيل انفسنا ونحنٌ بالعاشرة إننا صرنا في العشرين أو الثلاثون عندما نرى من حولنا يفسح لنا الطريق لذلك لتنمو عقولنا بسرعة الثانية الواحدة ولكن أعمارنا مازلت كما هي .... تحول إدغار من طفل لرجل أستطاع التقرب من البارون بل تحولت أحلامه إلى ذلك البطل
ولكن ..... هناك سبباً وراء جذب طفل مريض لمثل تلك المغامرة وكان السبب هو الأم تلك المرأة الجميلة التي جذبت البارون واشعلت داخله ثورات حميمية جعلته يثور ويقرر أن يحصل عليها ولهذا أخذ إدغار جسراً لها.
ماذا يحدث عندما نشعر إن احداً ما يحاول سرقة كنزً ما وجدناه؟ ماذا يحدث لطفل شعر برهبة أن يكون مريضاً ووحيداً مرة أخرى؟
هكذا شعر إدغار بعد تقرب البارون من والدته الجميلة إنها على وشك سرقة صديقه الجديد وحلمه الجديد
فشعر ببعض الغيرة بل والكره لذلك الشعور
وتدريجياً تألفت داخل الطفل مشاعر أخرى ومغامرة أخرى ، لتتألف داخله مغهوم جديد لمعنى السر؟
هل الأسرار مٌخيفه؟ أم نحنٌ ما نجعلها مٌخيفه؟
كيف يشعر طفل بوجود مثل تلك الإحسايس! كيف يتأقلم! هذا ما برع فيه الكاتب
أكتشف إدغار واحداً من تلك الأسرار المٌخيفه ولكنه لا يعلم لماذا؟ لماذا فعل البارون ذلك! لماذا يريد أمه! لما الأم صارت تنجذب نحو ذلك الغريب ! ماذا يجمع بينهم ولماذا؟ وماذا عن أبي؟
تلك الكلمات تحنل داخل كلاً منها سر، ولكنه مازال طفلاً لا يعلم مدى إحتياج كلاً منهما للأخر
ولكن عندما تتحول العاطفة لكره شديد يتخطى حدود العقل والتفكير حتى يتخطى أعمارنا
ونضج الطفل ليحمل عبء لم يكن في إستعداد له
ليواجه ويهرب ويبتعد ولكنه يحمل معه أثر تجربة مريرة عندما رأى أمه مع البارون ولكن بماذا سيجيب والده عندما يوبخه على فعلته كيف سيواجه سر أمه المميت
وهنا تحمل الأم سرها لطفلها لتجعله حامل ذنبها لكي يصمت ويزداد عمراً جديدً وسرً سيطارده للأبد
ذلك السر الحارق....