رواية العاشق البدوي

رواية العاشق البدوي

تأليف : عبد العزيز بركة ساكن

النوعية : روايات

حفظ تقييم
الإنسانُ هو مَشروع فاشل لمخلوق أسمَى، ولو أنه لا يزال يحتفظ بقدر ضئيل من ملامح ما كان يجب أن يكونه، وبقدرٍ وافٍ من صفات المَسْخ الذي هو عليه الآن. وأنا أكتب ذكرياتي وأسجل وقائع حياةٍ ما كانت ستصبح قاسية ومؤلمة لولا ذلك الكائن السامي، وما كانت تغدو جميلة وثرية لولا ذلك المسخ الحطيط، سوف أحكي هُنا عن الإنسان؛


فقيرًا ومؤلمًا كما العقرب، ولطيفًا حلوًا كالفراشة، وبعيدًا عن هذه الثنائيات أحاول أن
أكون صادقة وواضحة، وأحاول أن أقول أشياء هي غائمة الآن في ذهني، ولكن آثارها
جلية في روحي وفي جسدي، سوف أحاوِل ألَّا أخجل للآخرين أو منهم.
أقول إنني سوف أكشف عُري العُراة، وعورة جحيمٍ عشته بعمق، على الرغم من ذلك
أرجو أن أكون رحيمة بجلَّادي، ولو أنني أصبحت جلَّادته؛ فلقد قتلته عدة مرات.
لا أعرف من أين أبدأ. اسمي سارة حسن، وستعرفون عني الكثير كلما حكيتُ لكم
الكثير، فأنا لست براوية بارعة، ولم تكن لي جدَّة تحكي عند المساء، ولم أقرأ في حياتي
كُلها سوى حفنة من القِصص، سيشاركني الرَّوْي جميع الناسالذين سوف أحكي عنهم،
سيحكون عني وعن أنفسهم، سيَرْوُون شهاداتهم كما شاءوا، كلهم أبطال ورواة، بعضهم
متمرِّس بل وماهر مثل سُهير حسان أو القديسة كما يسميها أصدقاؤها، وبعضهم لا
خبرة له في الحكي مثلي، وأخشىأن يكون ذلك مُربكًا، ولكن لكي أقول على الأقل معظم ما
عليَّ قوله، لا بدَّ من ذلك، اسمحوا لي أيضًا أن أبدأ حكايتي بالمشهد الأعمق في ذاتي الذي
لن أنساه ما حييت.
حدث ذلك ذات يوم في سجنٍ لئيم، يبدو أنَّ اليوم كان جمعة؛ لأنَّ الشرطي الوسيم لم
يتبختر عبر زنازين النساء؛ لينثر عطره الوقح في كرم وبجاحة إلَّا متأخرًا، أي بعد الثالثة

الإنسانُ هو مَشروع فاشل لمخلوق أسمَى، ولو أنه لا يزال يحتفظ بقدر ضئيل من ملامح ما كان يجب أن يكونه، وبقدرٍ وافٍ من صفات المَسْخ الذي هو عليه الآن. وأنا أكتب ذكرياتي وأسجل وقائع حياةٍ ما كانت ستصبح قاسية ومؤلمة لولا ذلك الكائن السامي، وما كانت تغدو جميلة وثرية لولا ذلك المسخ الحطيط، سوف أحكي هُنا عن الإنسان؛


فقيرًا ومؤلمًا كما العقرب، ولطيفًا حلوًا كالفراشة، وبعيدًا عن هذه الثنائيات أحاول أن
أكون صادقة وواضحة، وأحاول أن أقول أشياء هي غائمة الآن في ذهني، ولكن آثارها
جلية في روحي وفي جسدي، سوف أحاوِل ألَّا أخجل للآخرين أو منهم.
أقول إنني سوف أكشف عُري العُراة، وعورة جحيمٍ عشته بعمق، على الرغم من ذلك
أرجو أن أكون رحيمة بجلَّادي، ولو أنني أصبحت جلَّادته؛ فلقد قتلته عدة مرات.
لا أعرف من أين أبدأ. اسمي سارة حسن، وستعرفون عني الكثير كلما حكيتُ لكم
الكثير، فأنا لست براوية بارعة، ولم تكن لي جدَّة تحكي عند المساء، ولم أقرأ في حياتي
كُلها سوى حفنة من القِصص، سيشاركني الرَّوْي جميع الناسالذين سوف أحكي عنهم،
سيحكون عني وعن أنفسهم، سيَرْوُون شهاداتهم كما شاءوا، كلهم أبطال ورواة، بعضهم
متمرِّس بل وماهر مثل سُهير حسان أو القديسة كما يسميها أصدقاؤها، وبعضهم لا
خبرة له في الحكي مثلي، وأخشىأن يكون ذلك مُربكًا، ولكن لكي أقول على الأقل معظم ما
عليَّ قوله، لا بدَّ من ذلك، اسمحوا لي أيضًا أن أبدأ حكايتي بالمشهد الأعمق في ذاتي الذي
لن أنساه ما حييت.
حدث ذلك ذات يوم في سجنٍ لئيم، يبدو أنَّ اليوم كان جمعة؛ لأنَّ الشرطي الوسيم لم
يتبختر عبر زنازين النساء؛ لينثر عطره الوقح في كرم وبجاحة إلَّا متأخرًا، أي بعد الثالثة

عبد العزيز بركة ساكن روائي سوداني من مواليد مدينة كسلا بشرق السودان، تعرضت معظم مؤلفاته للمصادرة حتى لقب في الأوساط الفنية بالزبون الدائم للرقيب.برر المجلس الاتحادي للمصنفات الفنية والأدبية في الخرطوم قرارات الحظر لما تحتويه مؤلفاته من "مشاهد جنسية خادشة للحياء العام".لكن عبد العزيز ساكن يرد "يظن البعض أن في كتابتي ما يسيء لمشروعاتهم الأيدلوجية ويخترق خطاباتهم المستقرة، بالطبع لا اقصد ذلك، كلما افعله هو إنني انحاز لمشروعي الإنساني أي اكتب عن طبقتي أحلامها آلامها طموحاتها المذبوحة وسكينتها أيضا التي تذبح هي بها الآخر، وحتى لا يلتبس الأمر مرة أخرى، اقصد بطبقتي المنسيين في المكان والزمان، الفقراء المرضي الشحاذين صانعات الخمور البلدية الداعرات المثليين، المجانين، العسكر المساقين إلى مذابح المعارك للدفاع عن سلطة لا يعرفون عنها خيرا، المتشردين، أولاد وبنات الحرام، الجنقو العمال الموسميين، الكتاب الفقراء، الطلبة المشاكسين، الأنبياء الكذبة، وقس على ذلك من الخيرين والخيرات من أبناء وطني، إذا أنا كاتب حسن النية وأخلاقي بل داعية للسلم والحرية، ولكن الرقيب لا يقرأني إلا بعكس ذلك". يعد عبد العزيز بركة ساكن من أصحاب الكتابات الواقعية وقليلا مايلجأ إلى الفنتازيا, ويستخدم العامية السودانية في كتاباته بكثرة خاصه في حوارات ابطاله وقد عد النقاد ذلك من عوائق اتشار كتاباته عربيا وخارج السودان بصورة عامة.
عبد العزيز بركة ساكن روائي سوداني من مواليد مدينة كسلا بشرق السودان، تعرضت معظم مؤلفاته للمصادرة حتى لقب في الأوساط الفنية بالزبون الدائم للرقيب.برر المجلس الاتحادي للمصنفات الفنية والأدبية في الخرطوم قرارات الحظر لما تحتويه مؤلفاته من "مشاهد جنسية خادشة للحياء العام".لكن عبد العزيز ساكن يرد "يظن البعض أن في كتابتي ما يسيء لمشروعاتهم الأيدلوجية ويخترق خطاباتهم المستقرة، بالطبع لا اقصد ذلك، كلما افعله هو إنني انحاز لمشروعي الإنساني أي اكتب عن طبقتي أحلامها آلامها طموحاتها المذبوحة وسكينتها أيضا التي تذبح هي بها الآخر، وحتى لا يلتبس الأمر مرة أخرى، اقصد بطبقتي المنسيين في المكان والزمان، الفقراء المرضي الشحاذين صانعات الخمور البلدية الداعرات المثليين، المجانين، العسكر المساقين إلى مذابح المعارك للدفاع عن سلطة لا يعرفون عنها خيرا، المتشردين، أولاد وبنات الحرام، الجنقو العمال الموسميين، الكتاب الفقراء، الطلبة المشاكسين، الأنبياء الكذبة، وقس على ذلك من الخيرين والخيرات من أبناء وطني، إذا أنا كاتب حسن النية وأخلاقي بل داعية للسلم والحرية، ولكن الرقيب لا يقرأني إلا بعكس ذلك". يعد عبد العزيز بركة ساكن من أصحاب الكتابات الواقعية وقليلا مايلجأ إلى الفنتازيا, ويستخدم العامية السودانية في كتاباته بكثرة خاصه في حوارات ابطاله وقد عد النقاد ذلك من عوائق اتشار كتاباته عربيا وخارج السودان بصورة عامة.