الآداب الأوروبية والعالمية، وهذا ما لفت انتباه أنتونيو غرامشي حين حلّل النظرية القومية في الأدب الإيطاليّ، واصفاً سالغاري بالمبدع لقدرته على خلق بطلٍ شعبيّ تَرَوج حكاياته في أرجاء إيطاليا، رغم أنه من صنع الخيال، ومغامراته المفترضة تدور في بلادٍ بعيدة جداً عن إيطاليا، وتمتدّ من ماليزيا إلى وسط إفريقيا فالكاريبي والقارة الأمريكية. وقد يصل بنا النقد إلى العثور على ظلال سالغاري في كلّ الأفلام السينمائية التي نقلت أدب المغامرة إلى الشاشة الكبيرة. وهنا نستذكر أُمبِرتو إيكو في تحليله لشخصية السوبرمان وأثرها على الجماهير. إذ ربط إيكو هذه الشخصيات السينمائية بجذورها الأدبية وعزز مكانة سالغاري في ابتكار هذا النموذج الهرقليّ الحديث، ناهيك عن إبداعه لبطل شجاع ينقذ الآخرين ويعيش لحظات مصيريّة فيها من الأهوال الجانبية ما يكفي لاستنزاف قضيته العالقة بين الحبّ والثأر. وهذا الكتاب، هو إحدى أروع الروايات التي جادت بها مخيّلة إميليو سالغاري، وهي الحلقة الأولى من سلسلة «قراصنة جزر الانتيل»، التي تتحدث عن مغامرات القراصنة وصراعهم مع الأساطيل الإسبانية في القرن السابع عشر. تدور أحداث الرواية في بلادٍ تفوق الخيال، ويصوّر الكاتب المدن والغابات العجيبة ببراعة ودقّة فريدتين، وأسلوب سلس وبسيط. تمتاز بقوة التشويق في وصف المعارك الضارية التي تقع في عرض المحيط وعند أسوار القلاع، كما نتعرف من خلالها على أهوال البحار وقوانينها. تعتبر هذه الرواية، الصادرة عام 1898، ملحمة الأدب الإيطالي المعاصر في سبرها لمعاني البطولة والنبل والفروسية.
رواية القرصان الأسود تأليف إميليو سالغاري
إن العلامة التي أحدثها إميليو سالغاري (أكبر أدباء المغامرة في إيطاليا) في تاريخ الأدب الإيطالي هي، باعتراف الجميع، علامة فارقة، فضلاً عن بصمته المميزة التي بات أثرها واضحاً في مجمل تاريخ الأدب العالمي. صنع سالغاري بطلاً شعبياً تميز عن الذين صنعتهم