يقتحم الروائي الكبير فؤاد التكرلي المشهد العراقي بجرأة، ويرسم لوحة روائية مبهرة، عن تحولات عائلة عراقية صغيرة منذ الثمانينات الماضية الى منتصف التسعينات، هي تحولات العراق كله، لا أحد يطرح الأسئلة عما يحدث ولا أحد يجيب!
كان صوتها المشروخ يأتي من بعيد.. بعيد جداً. كانت تصرخ صرخات مبحوحة، تتناهى إلى سمعه كأنها همسات خافتة، والألم والغضب والهياج لا يتركون له أن يتوقف. أراد أن يفتح عينيه فلم يستطع وكان يصدر حمحمة وحشية حيوانية. ليس من فمه بل من صدره وكيانه كله. والألم يزداد وكفاه تحترقان، وهو في قبضة حديدية لا فكاك منها. كأنه في صندوق مغلق مظلم. ثم ارتفع الصراخ وتعددت الأصوات، كلها تتعالى إلى عنان السماء. تصرخ وتصرخ. وهو، في سورة الحمحمة تلك، يريد أن يفتح عينيه وان يهرب مما لا يدري ما هو. كان مرة أخرى، مشلولاً مختل التصرفات. ثم.. ثم وعلى حين غرة سكنت روحه وشعر بنفحة من البرودة تغطي وجهه وجبهته وقمة رأسه.. ففتح عينيه.
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.