تتناول "ميسلون هادي" في روايتها الجديدة موضوع "الآخر" الذي يسكن في داخل كل منا، متمرداً على المكبوت فينا، "الآخر" الذي هو الوجه الحقيقي غير المجمّل منا، الحرّ الذي لا يهمّه المنطق،
الجامح المبدع الذي يعيش على الخيال. الشخصيتان الرئيستان في الرواية هما "سعيدة هانم" مُدرّسة اللغة العربية، وأختها "مليكة جان" الرسامة. تعيش الأختان في بغداد، وتمرّان بالتجارب نفسها، لكن كلاً منهما تنظر للموقف نفسه نظرة مختلفة، فـ"سعيدة هانم" واقعية، منطقية، بعكس أختها الحالمة والخيالية، "إنها تريد الهرب من تصرفاتي المزعجة بالنسبة إليها، لأنها المعنية بالعاطفة والخيال والإبداع، وأنا المسؤولة عن الواقع واللغة والمنطق. أنا العالم المألوف، وهي الروح الحرة. أنا سيدة الكلمات والأرقام وهي الشوق والإحساس... الذوق والحركة... الأشكال والألوان... الفن والشعر والخيال الجامح. أنا أعرف تماماً من أكون وهي لا تعرف من تكون”. هكذا تصف "سعيدة" أختها، وهي واعيةٌ للفرق بينهما، ومتآلفة معه. فهي تدرك أن أختها تهرب من العالم وبشاعاته إلى لوحاتها التي يغيب المعنى عنها، فـ"مليكة" غير معنية بوجود معنى ما في فنّها، لأن "أملها منعدم بوجود معنى في هذا العالم كله".