لقد أشار الكاتب الكوبي أليخو كاربنتيه إلى أن الخيال الجامح في الرواية الامريكية و الإسبانية المعاصرة يرجع إلى محافظة الروائيين على مفردات كانت متداولة في اسبانيا خلال القرنين السادس عشر و السابع عشر. و قد تمثل ذلك في أدب سرفانتس و في روايات المغامرة و التشرد الإسباني.
و بتقاليد أدبية عميقة انطلق الكاتب الكولمبي غابرييل غارسيا ماركيز, مستفيدا من أحداث و منجزات الرواية المعاصرة, ليشيد صرح عالم روائي يجذب نظر المرء بمختلف ضروب جماليات العمل الفني الذي يتجلى بزخر الابنية و العلاقات التي تربط بين جزئياته. من هنا برز حرص ماركيز على تجاوز الحضور التجريبي البارد منطلقا إلى عالم آخر, منفلتا من عقاله, متدفقا كالرعب.
إن هذا الحرص يتمثل في سلسلة الإنتقالات الزمنية أو القفزات الهشة الوانية حينا و المتدفقة بوحشية أحيانا أخرى إلى الأمام و إلى الوراء متنبئا بالمستقبل في رجفة الإنتظار, تستديم الماضي في غيبوبة كالإسترخاء, تتلاعب بعجلة الزمن حجبا و استحضارا كي تبرز اللحظات الحاسمة في حياة الفرد و الجماعة, و في كثير من الأحيان اللحظات القاتلة التي كفت فيها الحياة عن أن تكون إلا رحيلا في الرماد.