رواية لعنة برج بابل بقلم خليفة الدليمي..يمكن تصنيف هذه الرواية على أنها ملحمة سردية ، فقـد صورها كاتبها كما لو أنه مخرج سينمائي ، فأجاد في تصوير لقطـاتها ، واعطى كل مشهد ما يستحقه من اهتمام ، وذلك بالرغم من كثرة عدد شخصياتها وأمكنتها ، وقد نجح في الربط المنطقي بين أحداثها بفضل مهارته في نسج حبكتها، وقد أثارت هذه الرواية نقاشاً ساخناً في النوادي الثقافية ، وأمتد ذلك النقاش والجدل ليصلا إلى الأوساط الأكاديمية بسبب رحلتها المعرفية التي تنطلق من قعر الحضارة الرافدينية مروراً بالحركات السياسية السرية الإيرانية ، ثم تتفرع لتشمل التصادم بين اليهودية والنصرانية ، وبعد ذلك تنعطف لتلقي الضوء على غزو العراق في مطلع الألفية الثالثة لتظل حقائقه راسخة في ذاكرة الأجيال القادمة ، وتسلط الضوء ــ في الوقت عينه ــ على أهم الأسباب الخفية والتحالفات السرية التي أدت إلى ذلك الغزو ، مع التركيز على بابل التاريخية التي سيتبين من خلال أحداث هذه الرواية سبب أهميتها.
يمكن سـر الطبخة اللـذيذة في مهارة المزج بين المـذاقات المختلفة ، وقد أمسك المؤلف بهذا الـسر ، فنجح في مزج الحب بالبغـض ، والأسطورة بالـواقع ، والماضي بالمستقبل ، وحافظ خلال ذلك كله على اللغة الراقية والسلسة التي يفهمها الـقراء على اختـلاف أعمارهم ومعارفهـم.
إنها العجينة السحرية المخلـوطة بماء الأوابـد والآثار ، وقمح الألغـاز ، والمطبوخة على نار الإثارة والتشويـق ، ولن يتوقف القارئ حتى يصل إلى صفحاتها الأخيرة ، ليجد في انتظاره الحقيقة التي تقول أنه لن يعود أبداً كما كان.