عشنا أربعتنا في غرفة ضيقة نوعا, ذات سقف مهمته في الشتاء أن يعمل كمصفاة لماء المطر الذي تتلقاه الأوعية والأواني الموزعة بعناية, أجّرتنا إياها أرملة بدينة في الأربعينات من عمرها.. كانت سيدة باردة ذات لسان سليط,
لكنها لم ترفع من قيمة الإيجار علينا لحسن حظنا.. ثم أتت النيران فالتهمت كل شيء.. الأغراض.. الغرف.. البناية.. وحتى السيدة (عفاف) البدينة ذات اللسان السليط! كنا نتأمل المنظر بوجوه كالحة, رجال الإطفاء بمعداتهم القديمة ووصولهم المتأخر لم يفلحوا في إنقاذ شيء, ولم يتحرك أحد لنجدة الأرملة البائسة لضراوة الحريق الذي وقع بإهمال منها كما علمنا لاحقا.. اجتمعنا في المقهى على منضدة دائرية صغيرة كي نفكر في حل للمشكلة التي وجدنا أنفسنا بها.. - "نرحل.." قالها (سوار) بعد صمت مقبض, فأومأ (كهف) برأسه مؤيدا وهو يعقب واجما: - لا مناص, لا يوجد حل آخر.. في حين اكتفى (خربق) بالصمت كدأبه فصنعت مثله, فقد كنت أثق برأيهما وأعتبره الفيصل, لم يكن يثق بأحكامه الشخصية كثيرا عندما كنا معا لذا كان رأيه من رأيي..