رواية هولندا لا تمطر رطبًا بقلم علاء الجابر..بين أجساد تشع احمراراً، أحشر جسدي الحنطي في بهو المبني الضخم لبلدية مدينة دن هاخ ( Den Haag)، أراقب عيون المارة بمقلها الزرقاء والخضراء، أقارن بينها وبين وجوه أخري ملونة لأصول عربية، إفريقية، آسيوية... جميعا جاءت من مكان بعيد أملاً في ورقة صغيرة، وروح كل واحد منهم تهذر: "هل أصبحت هولندياً الآن؟!
هل أنتمي بجسدي الضئيل، وروحي المتعبة إلي هؤلاء؟!
بأي شىء أشبههم؟
عشوائيتي لا تتسق وروتينية خطواتهم، فورتي لا تروضها برودة محيطهم... ولغتهم فضاء لا ألتقط منه إلا ما يقضي حاجاتي الأساسية!"
منذ أن أقمت في مدينة دن هاخ ( Den Haag)، وأنا أقضي ساعة يومياً في مبني البلدية (الخمنته) (Het Gemeentehuis)، أنجز أوراقاً أتمناها لا تنتهي لأعايش المهاجرين لحظاتهم المصيرية وهم يتسلمون صك الانتماء الأوروبي الجديد.
استمتع برصد محاولاتهم تلمس هولنديتهم... كيانهم الحديث الذي لازال يزاحم مجموعة شرقية هنا، ملامح إفريقية هناك.. والعديد من الوجوه الذابلة، الممهورة بأختام دول دكتاتورية.
أتفقد نظراتهم التائهة بين البحث عن ملاذ في بلاد الورد.. والخشية من أن تلتهم الورود الزاهية هوياتهم.
هل أصبوا هولنديين الآن؟!
فكرت كثيراً في ذلك السؤال وأنا جالس في قاعة الانتظار، بعد إستلام بطاقة صغيرة تؤكد (هولنديتي)، دون أن تلقب أمي ب (مفراو)، وأبي (منير).