رواية يوميات مدرس في الأرياف

تأليف : حسام مصطفى إبراهيم

النوعية : روايات

صديقي الصحفي "محمد عبيه"، دخل على مرة، فوجدني أزفر في غيظ، أقوم من مكاني وأقعد، أذهب وأجيء، وأنظر للحائط بشوق، وأتمنى أن أخبط رأسي فيه، فأجلسني قسرًا، وراح يسألني: "مالك يا ابني؟" فصحت:

  "خلاص، طهقت، مليت، تعبت، اتجننت".. عاد يقول: "من ايه بس يا عم؟".. أجبت:"م اللي بيجرى لي في الفصل". عاد يحاورني:" ما كل مهنة وليها متاعبها, وإنت عارف قبل ما تبقى مدرس إنك لازم هتقابل شوية مشاكل".. قاطعته:" شوية, قول شوييييات".. فسرح بنظرة قليلا ثم لم تلبث ابتسامة خبيثة -أعرفها جيدا وأحفظها- أن ظهرت على وجهه, وهو يقول:"طيب ماتكتب عن اللي بيحصل معاك في الفصل, وتحاول تحلله وترصده".. لم أصدق مايقول.. فرددت عليه ساخر:"إنت أكيد بتهزر". عاد يقول في اقتناع:"بالعكس أنا بتكلم جد الجد, علي الأقل هنفوز برصد حقيقي للعملية التعليمية من جواها, تبقى فرصة كويسة عشان نعرف فين أخطاءنا وازاي نعالجها".. ولكني لم آخذ كلامه مأخذ الجد طبعا, وجعلت ألهيه, حتى نسي أو تناسى! وبعدما انصرف وبقيت وحدي, لاحظت أنه لم يشرب زجاجة"الفيروز" التى أحضرتها له, فسعدت جدا بذلك, وأخذت أشربها مستمتعا, وانا أقلب كلامه في ذهني! ووجدت الفكرة بدأت-على استحياء- تروق لي وتستولي علي, شيئا فشيئا, إذ أن ما يحدث معي ومع كل مدرسي مصر تقريبا, شئ"ولا في الخيال", ويمكن لو بدأت الحديث عنه الآن, أن تنتهي جميع أوراق الدنيا وأقلامها ولا ينتهى البوح ولا تنقطع"الفضفضة"!! . فما سأقول وأروي, ولا في الأساطير. ولا حكايات أخينا "الزير سالم" نفسه, أو كبيرنا"عنترة بن شداد" !  وبعد, فهذه بعض الخواطر والأفكار واللوحات والصور عما يحدث للمدرسين مع "أسيادنا" الطلاب-ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم- من مواقف وأحداث, بعضها مضحك وبعضها مبك, بعضها حقيقي وبعضها متخيل, وصف لما يلقونه من معاناة وإهمال وتعذيب, رغم قدسية وجلال هذه المهنة! فإن أعجبتك, فلله الفضل والمنة, ثم لعبقريتي الفذة, التي لن تكرر, وإن لم تعجبك, فالغلطة غلطة"محمد عبيه" وحده وهو الذي يستحق اللوم والتقريع

شارك الكتاب مع اصدقائك