فتحليلاته تدل على أنه نفذ إلى قلب المجتمع ، وأعمل منهجه التحليلى الراقى ، وبيانه التصويرى العذب ، ليخرج لنا هذه الصورة من أعماق الحياة الأمريكية . وأما الأحكام فقد خرجت معتدلة , إذ لم تحل هيبة أمريكا وسطوتها الدعائية الهائلة , من أن يعطى أحكامًا صارمة فى تذوق الأمريكان الفنى وإحساسهم الشعورى وبدائيتهم فى علاقات الجنسين .. كما لم تحل الكراهية السياسية أو العداء الفكرى , من أن ينصف أمريكا فيصفها بأنها ورشة العالم وأن لها دورها الرئيسى فى مجالات البحوث والتطبيق . وبعد …. فقد ذاع كلام كثير حول هذه النصوص ، فمن قائل أن سيدًا كتبها كرؤوس أقلام ثم صرف النظر عنها ، ومن قائل أنه كتبها ولم ينشرها ، وهى منشورة فى حلقات ثلاث فى مجلة ( الرسالة ) التى كانت يصدرها : أحمد حسن الزيات , فى أخريات عام 1951 م , أى بعد حوالى عام من عودة سيد من أمريكا … وأغلب ظننا أنها تحتوى على كل ما أراد تسجيله فى هذا الشأن . إذ أنها تبدأ بداية طبيعية بمقدمة ، وتنتهى بخاتمة تحمل خلاصة تلك التحليلات . ويسرنا أن نقدم حقيقة أمريكا بعين سيد قطب ، لكل مسلم للوقوف الموضوعى للمجتمع الأمريكى ومقومات تقدمه المادى ، خاصة ونحن نمتلك الذخيرة الروحية والاتصال الوثيق بالله تعالى ، وذلك فى طريق إيقاذ الروح الإسلامية فى عصر الصحوة ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتاب أمريكا التي رأيت - سيد قطب
ومع هذا التميز الفكرى الواضح ، إلا أن سيدًا لم يحمل على الحضارة الأمريكية حملة جائحة ، ولم يتهمها بالانحطاط جملة ، كما فعلت طائفة من الإسلاميين زارت الغرب , فأتت تبشرنا بانهياره القريب !! . لم يكن سيد سطحيًا كذلك ،