كتاب ابن مقرب وتاريخ الإمارة العيونية في بلاد البحرين
تأليف : مجموعة مؤلفين
النوعية : التاريخ والحضارات
كتاب ابن مقرب وتاريخ الإمارة العيونية في بلاد البحرين بقلم مجموعة مؤلفين..في فترة أحاطتها القلاقل والاضطرابات، نتيجة استمرار الوجود القرمطي في هذا الجزء من الجزيرة العربية، ظهرت شخصية قوية أخذت على عاتقها التخلص من هذا الخطر الذي ظل يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. وعلى الرغم من أن القرامطة كانوا في هذا الوقت يتلفظون أنفاسهم الأخيرة، فإن عبد الله بن علي عجل النهاية المرتقبة، مدفوعاً يدوافع خاصة وبدوافع عامة، واستطاع بفضل صموده الطويل، وبفضل مؤازرة أبناء عمومته من تطويق القرامطة في الإحساء واستئصالهم نهائياً من بلاد البحرين.
واستمر أبناؤه في الحكم من بعده، وتقاسموا الإمارة فيما بينهم، ولم يستمر التآلف والاتحاد بيهم طويلاً، فتحركت الأطماع الشخصية عند بعضهم، وراح الواحد يدبر المكائد والدسائس للآخر، فكان أن انقسمت البلاد إلى جزئين: أوال والقطيف من جهة، والإحساء من جهة أخرى. كما ظهرت بيوتات تحكم هنا، وبيوتات تحكم هناك: آل الفضل -آل الحسن- آل أبي المنصور. ولم يقتصر الأمر على هذا، بل تجاوزه إلى محاولة أحد الطرفين التوسع على حساب الآخر والقضاء عليه.
وطبيعي بعد هذا أن تنتهز القبائل المجاورة، أو القبائل الخاضعة لهم، هذا التطاحن والتمزق فيما بين أفراد الأسرة الواحدة، فكانت تقف إما بصف هذا، وإنا بصف ذاك، أو تثور على الجميع تحدوها رغبات قوية في الاستئثار بالسلطة، أو ابتزاز الحاكمين، أو وضع اليد على جزء من دخل الإمارة وممتلكاتها. وهكذا تضاعفت مهمة الأمراء العيونيي، إذ وجدوا أنفسهم مرغمين أحياناً على المهادنة والمداراة، حتى آل الأمر أخيراً ببعضهم إلى ترك سدة الحكم إلى غيره من أبناء عمومته، نتيجة الضغط والمضايقة، مما عجل بنهايتهم جميعاً، واستلام بني عامر السلطة من أيديهم.
ولا شك أن الأوضاع الاجتماعية، كانت تتأثر سلباً أو إيجاباً بهذه الظروف، وإن كنا وجدنا أن الصورة التي قدمها ابن مقرب لمجتمع الأحساء، هي صورة قاتمة وغير سارة، ولعل هذا انعكاس للفترة الأخيرة التي عاشها ابن مقرب في أخريات حياته والتي تزامنت مع سقوط الإمارة نفسها.
والمؤلف يتناول التاريخ من واقع شعر ابن مقرب أن يحدث عنه شخصياً، وإن كان هذا الحديث يبدو محصوراً وفق الخطوط العامة لهذا الكتاب. فلم يتطرق إلى التحليل الأدبي لشعره، وإن أبدى بعض الملاحظات التي قد تشجع بعض الباحثين على التحقق منها، خاصة أنها آراء لا تتفق مع ما جاء في الدراسات الأدبية السابقة. أما أهم النتائج التي ربما حركت البحث العلمي حول ابن مقرب، فهو توجهه المذهبي. فإذا كانت الدراسات السابقة، قد أجمعت على أنه سني المذهب، فإن قراءة الديوان، أثبتت عكس ذلك تماماً، إذ تبين أنه شيعي، ويعبر عن أفكار شيعية أغفلتها تلك الدراسات، على الرغم من بروزها الواضح في شعره.
ومن الجدير بالذكر أن منهج المؤلف في هذا الكتاب يقوم على دراسة شعر ابن مقرب في ضوء المعطيات التاريخية المتيسرة، وإن كان الظاهر أن المؤرخين القدامى أنفسهم كانوا يستضيؤون بشعر ابن مقرب نفسه. ولعل قراءة هذا الديوان تسجل معلومات إضافية جديدة تكمل الصورة التي تناثرة أجزاؤها من هنا وهناك عن الإمارة العيونية.