كتاب الأحزاب المصرية 1922 - 1953 بقلم رءوف عباس..تشكل التجربة الحزبية المصرية أحد أبرز التجارب السياسية العربية قاطبة، فضلا عن كونها تجربة متميزة فى التطور السياسى والاجتماعى خارج الدول الغربية الأكثر تطورا. ويمكن القول أن تشكيل الأحزاب السياسية المصرية كان جزءا لا يتجزأ من عمليات صياغة الدولة القومية الحديثة، وأشكالها المتعددة ومؤسساتها المختلفة، وتعبيرا عن القوى الاجتماعية السائدة، والمسيطرة آنذاك على مقاليد الثروة، والمكانة الاجتماعية. ومن ثم كان الحزب تعبيرا عن التحديث السياسى، وعن تطور الوعى الاجتماعى.
وتكتسب دراسة تجربتنا الحزبية قبل ثورة 1919 ، وبعدها، أهمية خاصة من عدة زوايا :
أولها: الكشف عن الجذور التاريخية لجوانب الفاعلية والضعف فى تطورنا الحزبى والسياسى، وعوامل وملامح الابتسار الهيكلى فى الأبنية الحزبية.
ثانيها: الكشف عن جوانب الاستمرارية والانقطاع فى تطور الخطابات الحزبية والسياسية، ومن ثم تجلية أبعاد التطور فى تاريخ الأفكار السياسية والاجتماعية فى مصر، ومن ثم معرفة مكونات الوعى والذاكرات الجماعية.
ثالها: أن تجربتنا الحزبية الثانية التى قامت حول الأعوام 1922 – 1952 تمثل شجرة النسب السياسى لبعض الأحزاب السياسية التى أعيد تشكيلها فى عقد السبعينيات، ومن ثم ملاحظة مدى التطور فى فكرها السياسى، وفى فاعليتها الحركية والتنظيمية.
رابعها: أن الدراسة الموضوعية للتجارب الحزبية السابقة تساهم فى إعادة تنشيط الذاكرة السياسية الوطنية، إزاء أشكال مختلفة من رفض المفهوم الحزبى، وضروب متعددة للتشكيك فى شرعية الأحزاب السياسية، والدولة الحديثة على أسس فقهية ودينية.
ان الأبعاد المختلفة سالفة الذكر، كانت وراء اهتمام مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام بضرورة الدراسة الموضوعية للأحزاب المصرية فى الفترة من 1922 إلى 1953 ، من خلال خطة بحثية أسندت إلى فريق علمى من أبرز المؤرخين المصريين المشهود لهم بالكفاية والموضوعية والاستقلالية ، ونزاهة التقويم العلمى، وأشرف على الدراسة د. رءوف عباس أحد أبرز المؤرخين المصريين ورئيس وحدة البحوث التاريخية بالمركز.