كتاب التجربة الباكستانية: الديمقراطية وبناء النظام السياسي بقلم د. ستَّار جبَّار علَّاي..جاء الانقلاب العسكري في باكستان بقيادة الجنرال برويز مشرف في 12 تشرين الاول (اكتوبر) 1999, لينهي تجربة ديمقراطية استندت الى انتخابات حرة، مكرراً الحديث عن ضرورة دور الجيش في الحياة السياسية للباكستان على الرغم من ان هذه المرحلة شهدت دوراً مؤثراً للجيش في الصراع بين السلطات الثلاثة الا ان الهيمنة المدنية لرئيس الوزراء على شؤون المؤسسة العسكرية لم تكن موضع قبول قادة الجيش، إذ تستند القيادة العسكرية الى تاريخ سياسي طويل في حكم البلاد بشكل مباشر او غير مباشر وهو ما يجعل من عودة الجيش حالة اعتيادية في ضوء مشاكل متعددة عانت منها البلاد منذ الاستقلال.
كان الانقلاب العسكري باكستان بداية لتطورات مهمة اعادت تشكيل هيكل وبنية النظام السياسي الباكستاني، واعادت من جديد الصراع الحزبي الذي كان موجودا قبل الانقلاب العسكري في العام 1999، ومن هنا تبرز اهمية معرفة اهم هذه القوى الفاعلة في هذه التطورات وما فرضته من تغييرات سياسية سيكون لها تأثير واضح على مستقبل البلاد بعد هذه المرحلة المهمة.
لقد فشل النظام العسكري في ادارة البلاد, واضطر الجنرال مشرف الى الاستقالة تحت ضغط القوى السياسية, لتبدأ مرحلة جديدة من الحكم المدني في باكستان تميزت بالتنافس الحزبي الشديد بين حزبي الشعب الباكستاني وحزب الرابطة الاسلامية (جناح نواز شريف), كما برزت السلطة القضائية بشكل واضح في نفوذها وتأثيرها, ولعبت القرارات القضائية دوراً مهما في هذه المرحلة, إذ اقصت العديد من السياسيين البارزين وفي مقدمتهم الذين شغلوا منصب رئاسة الوزراء, وهذا ما يجعل التجربة الباكستانية ذات اهمية خاصة في دور وتأثير السلطة القضائية مقارنة بتجارب الدول الاخرى, ولعل هذا ما يعطي التجربة الباكستانية ميزة اضافية واهمية اكبر مقارنة بالتجارب السياسية الاخرى في المنطقة.