لا يتوقف هذا الكتاب عند مُجرّد الرحلة في المكان، بل يُسافر في الزمان أيضا. إنه نوع من الاشتباك الثقافي والمعرفي بين أمكنة يرتادها المبدع التونسي حسونة المصباحي بحثا عن معنى واضح لهوية الإنسان المعاصر الذي لم يَعُدْ قصْرا على الأبعاد المحلية والإقليمية التقليدية، بل مُتجاوز في فضاء (زمكاني).


الهوية – هنا – ذات معنى معرفي، والمكان هو فضاء ثقافي يعيش فيه الإنسان، ويحلم، ويبتكر، ويعشق، ويطرح أسئلة لنسف الجمود واليقينيات. لهذا، فنحن أمام كتاب قد يبدو بسيطا في بُنيته، ممتعا في تدفقه بين حالات من الإخبار والسرد والشعر والتوثيق والتسجيل السيرذاتي، غير أنه قادر أن يحملنا على إعادة النظر في معان كثيرة نظن أنها استقرت في وعينا، أهمها: معنى الهوية ومعنى الحرية ومعنى رحلة الانسان على الأرض... لذا يمكن القول أن حسونة المصباحي يعيد في "كتاب التيه" إشراقة الرحلة المعرفية، تلك الرحلة التي باتت شبه مفقودة في زمن السرعة، والعجلة، والهرولة التي تحرم الانسان من اكتشاف خفايا العالم، والاستمتاع بجماله، وبمباهجه.

شارك الكتاب مع اصدقائك