لقد آن الأوان ليفكّر الباحثون والجامعيون في إستراتيجية خطاب جديدة حول الإسلام السياسي تتخلّى عن التعقيدات الأكاديمية، ولكن دون الإخلال بالمعرفة والسقوط في الإسفاف والتبسيط المخلّ، في الآن نفسه، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس،
وتكشف لهم، بخطاب سهل ومباشر وعلمي أيضاً، مخاتلات الإسلام السياسي عبر تفكيك مفاهيمه وقواعده النظرية والمعرفية. وإنّ هذا التصور، في تقديرنا، هو من أصعب ما يمكن للباحث الإقدام عليه، فليس من السهل مطلقاً تبسيط المعرفة، وتفكيك المعقد، وتحريك ما يعدّ ثابتاً في أذهان عامّة الناس وفي عقول غير المتخصصين، ولكن كذلك مواجهة من هم محسوبون على المجموعة العلمية، ولكنهم يخدمون مقولات الإسلام السياسي عبر تغليف ما يكتبون وينشرون ويذيعون بغلاف علمي أكاديمي خدمة لدوائر سياسية غدت معروفة اليوم. إنّ مثل هذا المشروع لن يخترع إشكاليات جديدة للبحث فيها، بل تكمن طرافته الأساسيّة في طريقة مقاربة الإشكاليات والمفاهيم، والوقوف على الخلفيّات والدوافع الكامنة وراء خطابات تيّارات الإسلام السياسي بمختلف تنويعاتها في مجالات السياسة والدين والمجتمع والثقافة والإقتصاد. نادر الحمّامي