ثم تراجعت إلى الوراء لعدة أسباب, يبحث الكاتب فيها متتبعاً جذورها وعواملها و إلى ما أفضت إليه ، و هذا ما دفعه لأن يختار العنوان « الزمن العربي الرديء » متطلعاً من خلال هذا العنوان لهذا البحث ، كيفية الخروج من الواقع المؤلم المجزأ . في مضمون الكتاب يتساءل الكاتب : هل هناك عوامل داخلية هيأت العرب للانقسام, أم أن هناك عوامل خارجية ?? وهل هناك عوامل أثرت على الفكر العربي وجعلته بشكل عام قليل التأثر بالقومية??. انطلاقاً من هذا التساؤل يبني الأسس الفكرية والثقافية لمجمل الموضوعات التي يدرسها والتي جاءت فصولها على الشكل التالي : مقدمة - العرب قديماً - العرب والأندلس - العرب حديثاً - العرب والسياسة - العرب والدين - السياسة الإسلامية والمفهوم السياسي- المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية – التعصب - العرب نظرة شمولية واستخلاص - أبعاد الوضع الراهن للأمة العربية- آفاق الوضع العربي والمتطلبات العربي ) . ويرى الكاتب بعين النقد أن « الدول العربية, بدلاً من التوجه نحو الاندماج والتقارب, وصولاً إلى الوحدة, انحسرت إلى ظلام التفكك والتناحر السياسي بسبب الخلافات والاختلافات الداخلية بين الأنظمة العربية وضعف الوعي السياسي الذي ينهل من عدة مدارس فكرية وثقافات متنوعة ومتناقضة. ومن هنا تأتي رداءة هذا الزمن. ويطرح الكاتب تجربة اليابان كقومية متماسكة استطاعت التخلص من آثار الاستعمار و الإخفاقات التي تعرضت إليها, خصوصاً في الحرب العالمية الثانية, لتنهض قوة اقتصادية صناعية تكنولوجية عظمى, علماً بأنه تتنازعها الكثير من الأحزاب السياسية والعروق المختلفة والديانات واللغات المتعددة تتعرض دائماً إلى حوادث جيولوجية كالبراكين والزلازل. ومع ذلك استطاعت أن تتغلب على جميع مشاكلها وهزائمها ونقاط الضعف لديها. والسر في ذلك كما يراه الكاتب ، هو نهوض الوعي القومي الياباني و الإحساس بالمسؤولية لإنجاز التحرر بجميع أشكاله السياسية والثقافية والاقتصادية . ويتناول الكاتب في فصل « السياسة الإسلامية والمفهوم السياسي» هذين المصطلحين ومعناهما اللغوي والنحوي ومراحل تطورهما ومدى علاقتهما بالفكر والمجتمع والدولة إلى أن تمحورا على شكل تعليم وشرائع دينية سياسية كان لها حسب رأي المؤلف أثراً كبيراً وبارزاً في الأحداث التي وقعت تاريخياً منذ بداية العصر الأموي وحتى الآن, مع الشرح لكيفية امتزاج السياسة بالدين. يليه فصل «المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية» حيث يفرّق المؤلف بين هذين المفهومين, معتبراً أن فترة الرسول كانت فترة مجتمع إسلامي لم ينشأ فيها أي كيان سياسي كانت الغاية فيها هي نشر الدين الإسلامي الحامل لنواة الأخلاق والمبادئ والمثل العليا السامية وبثه بين الناس كافة. وقد اعتمد الباحث نزار يوسف في ذلك على إيضاح أن مفهوم الدولة هو غير مفهوم المجتمع و قدم سرداً تاريخياً للجاهلية وصدر الإسلام حول هذه النقطة, مبيناً الفروقات بين هذين المفهومين كما قدم بعض الوثائق المتعلقة بتلك الفترة كالرسائل التي بعث بها الرسول (ص) إلى الحكام والملوك في المناطق المجاورة والرسائل التي كان يزود بها عماله ومبعوثيه إلى المناطق التي اعتنق أهلها الإسلام, فضلاً عن الكتب التي وضعها للمسلمين عند هجرته للمدينة المنورة, وكانت حجر الأساس للمفهوم الإسلامي الذي استخلصه الكاتب وقدمه كمادة بحثية تحليلية مدعومة بشرح عن الأحداث التي حصلت بعد وفاة الرسول (ص) وقيام دولة الأمويين. وقد توج مادته تلك بفصل خاص أفرده لمفهوم التعصب, تحدث فيه بنظرة تحليلية ثاقبة ومقارنة, عن التعصب والأثر الكبير الذي لعبه في تقطيع أوصال الأمة العربية و تغلغل العنصر الأعجمي فيها. وقدم المؤلف في بداية هذا الفصل مقارنة بين مفهوم التعصب والعصبية القبلية, بيّن فيها أن جميع مساوئ العصبية القبيلة هي أفضل بكثير من مساوئ وضرر التعصب الديني وبيّن كيف أن التعصب الديني الإسلامي قد خدم بالدرجة الأولى المستعمر الأجنبي بكافة أشكاله ودينه وديدنه وكيف أن العرب دفعوا ثمن ذلك غالياً جداً إذ أن الأمم الأخرى كان همها فقط استعمارهم والسيطرة عليهم. ثم يربط مفهوم التعصب بالمفهوم السياسي الذي سخر التعصب لصالحه.
كتاب الزمن العربي الرديء - نزار يوسف
كتاب الزمن العربي الرديء تأليف نزار يوسف .. يستعرض فيه الكاتب أحوال العرب قديماً و حديثاً ، و العلاقة فيما بين الدين و السياسة ، و تجربة العرب في الأندلس .. باحثاً في شؤون المجتمع الإسلامي و الدولة و التعصب ، محللاً أبعاد الوضع الراهن للأمة العربية .. آفاقه و كذلك المتطلبات العربية . يناقش الكتاب بجرأة الأخطاء العربية الماضية و الحالية و بشفافية ، واضعاً الأصبع على الجرح ، و المبضع أيضاً . متحدثاً عن الأمة العربية التي كانت في قمة ازدهارها وتطورها,