بدلاً من أن نستوحي الأمثلة الفظة من الشريعة الموسوية. ولا شيء يمنع على كل حال أن تقدم بلادنا على تجربة ما، محددة زمنياً (لعشر سنوات مثلاً)، إذا كان برلماننا لا يزال عاجزاً عن التكفير عن اقتراعاته المحبذة لإنتاج الكحول بذلك التدبير الحضاري الكبير الذي هو إلغاء عقوبة الموت نهائياً. وإذا كان الرأي العام وممثلوه لا يستطيعون حقاً أن يتخلوا عن هذا القانون الكسول الذي يكتفي بمحق وجود من لا يستطيع إصلاحه، فلنسع على الأقل، بانتظار يوم تشرق فيه الحياة الجدية والحقيقية، إلى إلغاء هذا "المسلخ الاحتفالي" الذي يلوث مجتمعنا. إن عقوبة الموت كما تطبق، ومهما كان تطبيقها قليلاً، لهي مجزرة مقرفة، إهانة موجهة إلى شخص الإنسان وجسمه، إن بتر العنق هذا، وهذا الرأس الحي والمقطوع ونافورات الدم الطويلة هذه، إنما يعود تاريخها إلى عصر همجي كان يعتقد أنه يرهب الشعب بمشاهد مذلة. واليوم، إذ يتم تنفيذ هذا الموت الدنئ خلسة، فأي معنى بقي لهذا العذاب؟ الحقيقة هي أننا نقتل في عصر الذرة كما كنا نقتل في عصر القبان. وليس ثمة من إنسان طبعي الحساسية، لا يأخذه الغثيان، لمجرد التفكير بهذه الجراحة الفظة. وإذا كانت الدولة الفرنسية عاجزة عن الانتصار على نفسها في هذا المضمار، وعن أن تقدم لأوروبا أحد الأدوية التي هي بحاجة إليها، فتبدأ على الأقل بالإصلاح طريقة تطبيق عقوبة الموت. إن العلم الذي يفيد في القتل بكثرة يستطيع أن يفيد على الأقل في القتل بحشمة. إن بنجا ينقل المحكوم عليه من حالة النوم إلى الموت، ويظل بمتناوله لمدة يوم على الأقل كي يستعمله بحرية، ويفرض عليه بطريقة أخرى فيما إذا رفض استعماله أو خانته إرادته، إن بنجا كهذا سيضمن الموت، إذا ما بقينا متمسكين به، لكنه سيضفي شيئاً من الحشمة على عملية ليس فيها اليوم إلا عرض دنيء وبذيء.
كتاب المقصلة - ألبير كامو
إن قابيل لم يقتل، وإن كان البشر ينظرون إليه على مر القرون نظرة استنكار: هذه هي، على كل حال، الأمثولة التي ينبغي علينا أن نستخلصها من العهد القديم، وكم بالأحرى من الأناجيل،