نبذة النيل والفرات: "الموت والعذراء" مسرحية استوحى الكاتب مادتها من رباعية شوبرت الوترية التي تحمل ذات العنوان، وهي قصيدة مغناة من تأليف ماتياس كلاوديوس 1740-1815.
أم الثيمة فقد استقاها من خبر كان قرأه في صحيفة تشيلية، يحكي قصة رجل أنقذ حياة شخص انقلبت عربته في الطريق العام وكادت تودي بحياته، وأثناء دعوة الرجل لذلك الغريب ضيفاً إلى منزله، تحدث المفاجئة المروعة.
ففيما هما يتحدثان، تميز الزوجة نبرة صوت ذلك الرجل الغريب، وتكتشف أنها نفس نبرة الرجل الذي عذبها واغتصبها في السجن قبل سنين. عند ذاك تقرر سجنه في المنزل وإخضاعه إلى محاكمة شخصية، تنتزع خلالها اعترافاً كاملاً منه بتلك الجريمة، ثم تحكم عليه بالموت!.
يقول دورفمان: ".. لقد تأملت تلك الحادثة عميقاً، وبدأت أستشكف في مخيلتي، بشكل خجل ومتردد، حالة دراماتيكية أصبحت فيما بعد نواةً لمسرحية "الموت والعذراء".
كنت أجلس بين الحين والآخر أفكر بهذا الموضوع وأخربش على الورق ما تخيلته أن يكون في يوم ما رواية!. لكن، بعد جلسات عدة وبضع صفحات غير مقنعة عدلت، خائباً، عن الفكرة كلها تماماً، بسبب أن ثمة شيئاً ما كان غائماً، شيء ما جوهري وضروري في الحكاية كان مفقوداً. فمثلاً لم أستطع أن أستكشف شخصية زوج تلك المرأة. ترى من هو؟ وكيف ستكون استجابته إن صدقها؟
لم تكن واضحة عندي أيضاً، الوقائع والظروف والالتباسات التفصيلية، تلك التي ظهرت من خلالها تلك الحكاية. كذلك كان ثمة غياب للعلاقات الرمزية والدلالية بين العام والخاص. بمعنى آخر، ما نوع علاقة هذه الحكاية بالوضع العام للحياة في البلاد نفسها.
لم أفهم أيضاً، صورة العالم الذي كان يقف خلف تلك الحدود الضيقة والخانقة والمغلقة لمنزل تلك المرأة!".
هكذا ولسوء الحظ ظلت المسرحية تنتظر مكرهة مثل دورفمان نفسه لوقت طويل، لحين زوال النظام الديكتاتوري في البلاد عام 1990 وعودة الكاتب وعائلته إلى تشيلي بعد نفي استغرق سبعة عشر عاماً. ففي زحمة الأحداث السياسية الجديدة والشائكة، عثر الكاتب على إجابات على تلك النقاط التي كانت غائمة في رأسه، واستطاع أن يمسك بالخيط الذي قاده أخيراً إلى الطريقة التي ستروى بها الحكاية.