كتاب المورسكيون

منصور عبد الحكيم

التاريخ والحضارات

تقرأ فى هذا الكتاب مرت الأمة الاسلامية بمحن كثيرة وعظيمة , ومنها سقوط الأندلس فى يد الفرنجة الصليبين بعد ان ظلت تحت الحكم الاسلامى مئات السنين منذ أن فتحها طارق بن زياد وعقبة بن نافع فى عهد الدولة الأموية عام 711 م . بعد سقوط أخر معاقل الأندلس غرناطة في نهاية عام 1491م وتسليمها رسميا أول عام 1492م , وانتهاء الحكم العربى والاسلامى في شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال)

 الذى امتد نحو 780 عاما ، وجد أهل الاندلس من المسلمين واليهود الذين أطلق عليهم "المورسكيين" أنفسهم معرضين للطرد من المناطق التي باتت خاضعة للحكم المسيحي او اعتناق المسيحية قسرا. هكذا وجد مسلمو الأندلس أنفسهم في مهب الريح ومعاناة طويلة بلغت ذروتها بصدور مرسوم في التاسع من أبريل 1609 م بطردهم نهائيا خارج إسبانيا. فئة كبيرة من هؤلاء قررت مغادرة الاندلس وخاصة مدن غرناطة وأراغونا، تجاه شمال أفريقيا، نظرا لقرب المسافة حيث استقر عدد منهم هناك. استقر عدد كبير من المورسكيين الذين دخلوا المغرب في العاصمة الرباط، في قصبة الأوداية، عاشوا في منازل لها تصميم أندلسي. والموريسكيون" أو "الموريسكي" من المصطلحات المتداولة في التاريخ العربي والإسلامي، وتأتي كلمة "الموريسكي" في الكثير من الكتابات والتصانيف دالة على المسلمين الذين اجبروا على اعتناق الدين المسيحى بعد سقوط غرناطة فى ايدى القشتالين . قاموس اللغة الإسبانية يشير أن موريسكي مصدرها كلمة "مورو" ليشمل  باللاتينية، وتعني سكان شمال أفريقيا، ثم تحولت إلى لفظة موريسكي معناها المسلمين الذين بقوا في إسبانيا تحت الحكم المسيحي بعد سقوط الممالك الإسلامية، وأجبروا على اعتناق المسيحية. ويقول استاذ التاريخ الأندلسي مانويل باريوس أغليرا من جامعة غرناطة,( إن الوضع القانوني للموريسكي ظهر رسميا في غرناطة وفي باقي مملكة إسبانيا عندما أصدرت السلطات يوم 12 فبراير/شباط 1502 م مرسوما يخير المسلمين بين اعتناق المسيحية أو النفي ومغادرة إسبانيا. وهكذا فالموريسكي تعني المسلم الذي اعتنق المسيحية في إسبانيا بعد هذا التاريخ). وكان المسلمون الذين يعيشون تحت الحكم المسيحي قبل صدور المرسوم المذكور يطلق عليهم (المدجنون). ونصت اتفاقية تسليم غرناطة الموقع عليها يوم 25 نوفمبر 1491م والتي طبقت يوم 2 يناير 1492م على احترام المسيحيين لممتلكات المسلمين ومعتقداتهم واستعمال الشريعة الإسلامية كمصدر للقضاء، بل شددت على السماح بالعودة للمسلمين الذين ذهبوا إلى شمال أفريقيا ولم ترقهم الحياة هناك. غير أن رجل الدين المسيحي الكاردينال سيسنيروس مارس سياسة اللاتسامح مع المسلمين ابتداء من سنة 1499م فحمل المسملون في غرناطة السلاح ضده لكن سرعان ما جرى إخماد انتفاضتهم .وفي السنوات اللاحقة، دفع هذا الكاردينال إيزابيلا الكاثوليكية إلى إصدار المرسوم المذكور لمواجهة ما اعتبره "تمرد المسلمين". هكذا أجبر جميع المسلمين فى الاندلس (اسبانيا) على اعتناق المسيحية، وتم إحراق جميع الكتب باستثناء كتب الطب في ساحة باب الرمل في غرناطة والتي تعتبر جريمة في حق الإنسانية، في محاولة لوضع حد للديانة الإسلامية في هذا الاندلس . وهذا هو الذي أكد عليه المؤرخ ميغيل آنخيل لديرو آيسادا في كتابه " غرناطة: تاريخ دولة إسلامية 1232م- م1571 " ان صدور المرسوم 1502 الخاص بتنصير المسلمين يعني نهاية المجتمع الإسلامي في غرناطة وإسبانيا والتحول إلى مجتمع موريسكي. ومنذ عام 1502 دخل المسلمون الذين تحولوا الى موريسكيين نفقا مظلما انتهي بتشتيتهم في عدد من مناطق إسبانيا حتى صدور مرسوم جديد في 9أبريل 1609 م ، الذى أمر بالطرد النهائي بعد ما عانوا من ويلات محاكم التفتيش. وتشير المصادر التاريخية إلى أنه خلال سنة 1609 م انتقل حوالي 40 ألفا من المورسكيين إلى المغرب، وهاجر عدد منهم، خاصة الذين قدموا من منطقة "هورناتشوس" إلى مدينتي سلا والرباط، حيث أسسوا جمهورية أبي رقراق، نسبة إلى النهر الذي يفصل المدينتين. وكاان المورسكيين بالمغرب متفتحين أكثر من مسلمي شمال أفريقيا، فضلا عن اختلاف عاداتهم وهويتهم عن سكان المغرب، لذلك وقعت العديد من الخلافات بين الطرفين معا حول المسائل الدينية. وأدى هذا الاختلاف الى الصدام واتهام بعض العلماء المورسكيين الذين وفدوا على المغرب بـ"الإلحاد"، وأحرقت كتبهم، كما وقع مع الشاعر لسان دين ابن الخطيب في مدينة فاس. استقر جزء آخر من المورسكيين في شمال المغرب قريبا من المكان الذين هجروا منه بمدينتي تطوان وشفشاون. العديد من المورسكيين تصاهروا مع سكان مدينة تطوان، ليتمكنوا من استقدام طرق العيش والعادات والتقاليد الأندلسية، واختلطت الثقافة المحلية بالأندلسية . والآن يتطلع أحفاد المورسكيين المغاربة المستقرين بالمغرب إلى الحصول على الجنسية الإسبانية تعويضا لهم عن طرد آبائهم وأجدادهم من الأندلس قديما , ولكن السلطات الأسبانية منحت هذا الحق لليهود "السفارديم" الذين طردوا بدورهم من الأندلس دون المسلمين . وفى هذا الكتاب سوف نسلط الضوء باذن الله علي مأساة الموركسيون من بدايته وما تعرضوا له من مأسي وقتل وتشريد وتهجير وتغير الديانة الاسلامية الى المسيحية ومحاكم التفتيش الأسبانية , فقضية الموركسيون تتشابه مع القضية الفلسطينية ومأساة الشعب الفلسطينى مع الصهاينة . وأيصا نروى قصة الاندلس منذ فتحها فى القرن الأول الهجرى ثم سقوطها ولاية تلو ولاية حتى بقى منها ولاية غرناطة التى عرفت بمملكة غرناطة والتى استمرت تحت حكم بنو الأحمر زهاء 250 سنة حتى سقطت , ثم كانت مأساة المورسكيين.  

شارك الكتاب مع اصدقائك