كتاب النظرة القرآنية للمجتمع والتأريخ

كتاب النظرة القرآنية للمجتمع والتأريخ

تأليف : محمد تقي مصباح اليزدي

النوعية : العلوم الاسلامية

حفظ تقييم

كتاب النظرة القرآنية للمجتمع والتأريخ بقلم محمد تقي مصباح اليزدي..بما أن بحث المجتمع والتاريخ مقدّم منطقياً على سائر البحوث الاجتماعية، فقد تناوله الأُستاذ بالدراسة في امتداد سلسلة دروسه في التفسير الموضوعي، عند طرحه للمباحث الاجتماعية من منظور قرآني. وقد تَمّ تحقيق وتنظيم حصيلة هذا البحث بهمة السيّد مصطفى ملكيان. واضطلعت دار النشر التابعة لمؤسسة الإِمام الخُميني(قدس سره) للتعليم والبحوث بمهمة طبع هذا الكتاب للمرّة الرابعة في عام 1379هـ.ش (1٤21هـ/2000م) بعدد ٥000 نسخة. يضم هذا الكتاب اثني عشر باباً؛ أُفردت الأبواب الثلاثة الأُولى منها لمباحث فلسفة العلوم الاجتماعية،

مثل بحث مفهوم المجتمع، وأصالة الفرد أو المجتمع، وقانونية المجتمع (سير المجتمع وفقاً للقانون). أما المباحث التالية فهي على التوالي: تأثير المجتمع في الفرد، تأثير الفرد في المجتمع، دور ألوان التفاوت في الحياة الاجتماعية، المؤسسات الاجتماعية، التغييرات الاجتماعية، التوازن والأزمة والثورة، القيادة، المجتمع المثالي، السنن الإلهية في تدبير المجتمعات.

جرى في مبحث مفهوم المجتمع دراسة مفهوم "العلوم الاجتماعية" واختلافه عن "علم الاجتماع"، ثم عُرّف المجتمع بأنّه جماعة من الناس، وهو ما يُطلق عليه في الأدبيات العربية ألفاظ مثل "المجتمع" و"المدينة"؛ غير أن هذه الألفاظ لم ترد في القرآن. ولذلك ينبغي الرجوع إلى كلمات مثل : "القوم"، و"الأُمّة"، و"الناس" للعثور على معادل قرآني لكلمة المجتمع.

وفي مبحث أصالة الفرد أو المجتمع، نُفيت الأصالة الفلسفية عن المجتمع، وان قُبلت أصالته من حيث علم النفس، إذ أن الأصالة من الناحية الفلسفية للفرد.

وفي مبحث قانونية المجتمع أُثير هذا السؤال: وهو أن المجتمع إذا لم تكن له أصالة فلسفية فمعنى ذلك انه ليس له أي وجود، ونفي الوجود عن المجتمع يتساوى مع نفي الوحدة والشخصية عنه. وفي هذه الحالة يتبادر إلى الأذهان هذا السؤال: وهو كيف يسير الشيء الذي لا وجود له وفقاً للقانون؟

وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال، جرى تمحيص المعاني المتعددة لكل من كلمتي القانون والصدفة، واستخلصت هذه النتيجة وهي ليس ثمة تلازم بين قانونية المجتمع وأصالته الفلسفية.

وبُحث في هذا الباب أيضاً موضوع قانونية التاريخ واستُخلصت منه هذه النتيجة وهي ان حركة التاريخ لا تتنافى مع الاختيار ولا هي تكاملية بالضرورة. وهذه الحركة لا يمكن استشرافها والتَنبُّؤ بها لا عن طريق العلم ولا عن أي طريق إستدلالي آخر. والقول بقانونية المجتمع أو التاريخ لا يعني سوى أن الظواهر الاجتماعية والحوادث التاريخية لا تقع صدفة ومن غير سبب، بل تُعزى إلى علل يمكن من خلالها تفسيرها وتبيينها، وإرادة الإنسان نفسه واختياره يُعَدّ على الدوام واحداً من أجزاء العلّة التامّة للحوادث البشرية.

وفي مبحث تأثير المجتمع في الفرد، يُقرّ وجود هذا التأثير ولكنه لا يُعَدُّ العامل الوحيد في صياغة شخصية الإنسان.

وفي مبحث تأثير الفرد في المجتمع، رسمت صورة وسطى تقع في الحد الفاصل بين النظريّتين المشهورتين اللتين تلتزم إحداهما جانب الإِفراط والأُخرى جانب التفريط في هذا المجال.

وفي مبحث التفاوت وتأثيره في الحياة الاجتماعية، جرى توضيح أنواع من التفاوت مثل: التفاوت الجبري والطبيعي، والتفاوت في الوضع والوظيفة والمكانة الاجتماعية، والتفاوت الثقافي والاختياري. ثم شُرح رأى الإِسلام في مدى تأثير كل واحد من أنواع هذا التفاوت في الحياة الاجتماعية للإنسان. وفي مجال التفاوت الجبري والطبيعي لابد من الإقرار بوجود هذه الأنواع من التفاوت، بل لابد من وجودها، غير أن أنواع التفاوت في الوضع والوظيفة والمكانة الاجتماعية يمكن تقليصها ـ خلافاً لرأي ماركس الذي يعتبر هذا التفاوت جبرياً ويقول بأنَّ المجتمع الخالي من الطبقية مجتمع مثالي ـ ثم عرض وجهة نظر الإِسلام بشأن أنواع التفاوت الثقافي والاختياري مشيراً إلى انها مما يمكن ازالته.

ويعرض الباب السابع من الكتاب المؤسسات الاجتماعية، ويشير إلى البحوث الوصفية والتاريخية حول أنواع المؤسسات الاجتماعية ومسيرة تطوّرها، ثم يتناول بحثين أساسيين هما تعريف وعدد المؤسسات الاجتماعية ويتعرّض لذكر مؤسسة التعليم والتربية بعنوان انها اهمّ مؤسسة. ونظراً إلى اختلاف آراء علماء الاجتماع في تعريف المؤسسة الاجتماعية، فقد اختار تعريفاً للمؤسسة الاجتماعية معتبراً عددها ينحصر في خمس مؤسسات رئيسيّة هي: الأسرة، والاقتصاد، والتعليم والتربية، والحقوق، والحكومة. وأثبت في البحث الثاني أيضاً أهمّية وأولوية مؤسسة التعليم والتربية بالمقارنة مع سائر المؤسسات من وجهة نظر القرآن الكريم.

يبحث الباب الثامن من الكتاب التغييرات الاجتماعية. وبعد ان يذكر أنواع التغييرات يحصي في هذا المبحث ثلاثة عشر عاملاً لها؛ منها تسعة عوامل ضرورية وتصادفية، وأربعة إرادية واختيارية.

ثم طرح في هذا السياق بحثاً عن سرعة وتعجيل التغيّرات الاجتماعية، ودرس بعدها ظاهرة العنف والمسالمة في التغيّرات الاجتماعية. واثبت في الختام ان اتجاه التغييرات ليس إيجابياً على الدوام.

وجاء الباب التاسع حول التوازن، والأزمة، والثورة الاجتماعية. وقدّم في هذا المقام تعريفاً للتوازن والأزمة في المجتمع مشيراً إلى هذه الملاحظة وهي لو ان عموم أو أكثرية أبناء الشعب لم يلتفتوا إلى الانحرافات والنواقص، لا تحصل أية أزمة. ومن الطبيعي ان النظام الحاكم يتدبّر الأُمور عادة حرصاً منه على الحفاظ على الوضع القائم وإلهاء الناس عن الأزمات، حيث يتعيّن عند ذاك على العلماء ومروّجي الثقافة الاجتماعية توعية الناس لها، لكي ينتهي وعي الناس إلى حصول الثورة. وأهمّ خصوصية وهدف للثورة، خصوصيّتها الثقافية.

من المحتمل ان تصيب المجتمع آفات بعد الثورة. وقد وضع الإِسلام تدابير حازمة لمكافحة هذه الآفات وتمهيد الأجواء لديمومة الثورة. وهذه هي المباحث التي يتناولها هذا الباب.

يبحث الباب العاشر حول القيادة. إذ تتجسد إحدى تأثيرات الفرد في المجتمع عن طريق القيادة. وينحصر الكلام في هذا البحث حول قيادة الحركات الاجتماعية والسياسية. ويبيّن في هذا المجال مؤهلات القائد الكفوء على الصعيد العلمي والأَخلاقي والعملي.

يعرض الباب الحادي عشر "اطروحة المجتمع المثالي في الإِسلام". وبعد إِثبات إمكانية تحقيق مثل هذا المجتمع، قدّم هذه الاطروحة على أساس ثلاث خصائص هي: الواقعية، وجود النهج والبرنامج الصحيح، ورسم الهدف، من أجل تحقيق المجتمع الإِسلامي المثالي.

يبحث الباب الثاني عشر السنن الإلهية في تدبير المجتمعات. والغاية من هذا البحث هي دراسة عدد من قواعد علم الاجتماع في القرآن الكريم. فالسُنن بما تعنيه من النهج والسبيل والطريقة والسلوك المستمر، تقسم من المنظور القرآني إلى نوعين: الأُولى هي السنن المطلقة، والثانية هي السنن المشروطة والمقيّدة بسلوك الناس. فالسنن المطلقة عبارة عن هداية الناس على يد الأَنبياء‰، وسنة الابتلاء. وأما السنن المشروطة بسلوك الناس فهي على قسمين أيضاً: القسم الاول هي السنن المختصّة بأهل الحقّ مثل وفرة النعم المعنوية والاخروية، تحبيب وتزيين الإيمان، كثرة النعم المادية والانتصار على الأعداء. والقسم الآخر هو السنن الخاصة بأهل الباطل، كازياد الضلال وتزيين الأعمال، والإمهال، والهزيمة على يد الأعداء.

ونظراً إلى أهمّية محتويات الكتاب وضرورة عرضها على المراكز الثقافية في البلدان الأُخرى، فقد تُرجم إلى اللغة العربية بهمة السيد محمد عبد المنعم الخاقاني تحت عنوان " المجتمع والتاريخ من وجهة نظر القرآن الكريم" وطبعته دار الروضة في بيروت عام 1٤1٦هـ/ 199٦م.