كتاب تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر بقلم زين العابدين شمس الدين نجم تاريخ اوروبا الحديث والمعاصرالاستاذ الدكتور زين العابدين شمس الدين نجمنبذة الناشراصطلح المؤرخون على تقسيم تاريخ أوروبا إلى ثلاثة عصور:1. أوروبا في العصر القديم.2. أوروبا في العصور الوسطى.3. أوروبا الحديثة.ويرجع أساس هذا التقسيم إلى إطلاق العصر
على عدة قرون من الزمن، تكاد تتسم فيها الحياة بسمات مشتركة أو متشابهة أو متقاربة، سواء في ذلك الحياة السياسية أو الاجتماعية أو الاقت تاريخ اوروبا الحديث والمعاصرالاستاذ الدكتور زين العابدين شمس الدين نجمنبذة الناشراصطلح المؤرخون على تقسيم تاريخ أوروبا إلى ثلاثة عصور:1. أوروبا في العصر القديم.2. أوروبا في العصور الوسطى.3. أوروبا الحديثة.ويرجع أساس هذا التقسيم إلى إطلاق العصر على عدة قرون من الزمن، تكاد تتسم فيها الحياة بسمات مشتركة أو متشابهة أو متقاربة، سواء في ذلك الحياة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية وغيرها من مناحي الحياة المختلفة.ومن الصعب تحديد بداية هذا العصر أو ذاك، وكذلك تحديد نهايته، فليس من السهل تحديد سنة بعينها أو حادثة بذاتها كبداية لعصر من العصور أو نهايته، كما أنه من العسير تحديد تاريخ معين محدد ليكون نهاية للعصور الوسطى أو بداية للتاريخ الحديث.وهناك فترة انتقالية بين العصور التاريخية المختلفة تحدث فيها بعض التغييرات والتحولات التي يمكن رصدها والتي تميز بين عصر وآخر، وإن كانت في العادة تظهر وتنمو وتتطور تدريجيا وليس فجائياً.ويطلق على الشطر الأول من العصور الوسطى في التاريخ الأوروبي إسم العصور المظلمة، وهي تمثل الفترة الواقعة بين سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية في أواخر القرن الخامس الميلادي، وقيام النهضة الوسطى أو عصر الانتقال المبكر في نهاية القرن الحادي عشر، حيث عمت أوروبا خلالها سحابة كثيفة من الظلام والتخلف الحضاري، فتوارت معالم الحضارة الرومانية تدريجياً من إيطاليا وفرنسا وانجلترا، وغيرها من الدول الأوروبية التي كانت خاضعة للإمبراطورية الرومانية، ولم يبق أثر للحضارة إلا ما كان يوجد ببعض مدارس الأديرة أو الأسقفيات.ولما كانت البابوية هي التي تشرف على توجيه الدراسة في مدارس الأديرة أو الأسقفيات، فقد طبعت سياستها التعليمية بطابع ديني ضيق مزيف، كما أنها اهتمت بالدراسات الدينية دون غيرها من الدراسات الأخرى، التي كانت تلقى مقاومة شديدة وهجوماً عنيفاً، وذلك لأن رجال الكنيسة اعتبروا أن الدراسات القديمة وثنية المبادئ، وأنها تتعارض مع تقاليدها وتعاليمها، ونادوا بأنه لا يحق لأي مسيحي مخلص للكنيسة أن يطلع على هذه الدراسات القديمة، وبذلك وضعوا ستارا كثيفاً بين الأذهان والمعرفة الحقيقية المجردة من كل الاعتبارات.ويطلق على فترة الانتقال من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة: عصر النهضة الأوروبيةRenaissance . وكلمة النهضة معناها الإحياء أو تجدد الميلاد أو تجدد الحياة، ومن ثم فهي كلمة واسعة المدلول، تتسع لتشمل كل التغيرات والتحولات التي طرأت على المجتمع الأوروبي في شتى نواحي الحياة، من نظم الحكم والقانون والدين والعلم والأدب والسياسة والفلسفة والعمارة والتصوير والنحت. وتميزت بازدهار الفنون والآداب، وبانبلاج فجر العلم الحديث، ونشأت في القرن الرابع عشر واستمرت إلى القرن السابع عشر. وقد تأثرت بالمفاهيم الكلاسيكية، مما هيأ لأوروبا الانتقال التدريجي من مظاهر العصور الوسطى إلى العصور الحديثة.ومع التسليم بهذه التغيرات والتحولات، التي آذنت بانتقال المجتمع الأوروبي من العصور الوسطى إلى العصر الحديث، إلا أن ثمة اختلاف حول تحديد بداية التاريخ الأوروبي الحديث، حيث اختلف المؤرخون في هذا الصدد. ويمكن رصد أهم الآراء فيما يلي:1. اتخذ الرأي الأول من حركة الكشوف الجغرافية وما تلاها من حركة استعمارية واسعة النطاق، بداية لتاريخ أوروبا الحديث، فحركة الكشوف الجغرافية ظهرت مبكرة منذ بداية القرن الخامس عشر، واستمرت خلال ذلك القرن، ولم تظهر نتائجها الحاسمة إلا في نهايته تقريباً أي في عام 1492، حين بدأ كشف العالم الجديد، ثم كان كشف البرتغال لطريق رأس الرجاء الصالح عام 1498، ربط قارة آسيا بقارة أوروبا من خلال هذا الطريق المائي الجديد. واستمر ذلك مع بداية القرن السادس عشر،وتلت هذه الحركة حركة استعمارية واسعة النطاق، تميزت بها قلة من الدول الأوروبية، ولم تلبث أن انضمت إليها دول أخرى محاولة أن تحقق نصيبها من هذا الكسب المادي العظيم، وترتبت على ذلك حروب بين هذه الدول، لم يقتصر ميدانها على بقاع ومواطن هذه المستعمرات ولكنها امتدت أيضا إلى الأرض الأوروبية ذاتها.2. أما أصحاب الرأي الثاني، فقد اتخذوا من التحولات السياسية التي حدثت في أوروبا في نهاية القرن الخامس عشر بداية لتاريخ أوروبا الحديث، وبخاصة بعد حركة إحياء العلوم والآداب والفنون القديمة، التي امتازت بها إيطاليا منذ القرن الرابع عشر والدول الأخرى فيما بعد. وقد تميزت هذه الحركة بأن القائمين عليها قد أولوها عنايتهم التامة وبذلوا في سبيلها كل ما يملكونه من جهد، مما أدى إلى ظهور حضارة منقطعة النظير، لها طابعها الخاص في كل من الدول المختلفة التي ظهرت فيها. ويتخذ أصحاب هذا الرأي من الحروب الإيطالية التي بدأت عام 1494 بداية لهذا التاريخ.وشهدت المجتمعات الأوروبية في تلك الفترة تحولاً نحو إقامة ما عرف بالدول القومية الحديثة، بعد أن كان الاتجاه السائد في أوروبا في العصور الوسطى يسير في اتجاه الوحدة السياسية. وكان الوازع الديني دافعاً للأوروبيين نحو هذه الوحدة، التي تعد أيضاً وحدة دينية مسيحية كاثوليكية، وبخاصة في غرب أوروبا، حيث سعت الكنيسة الكاثوليكية نحو إقامة وحدة سياسية شاملة، تضم المناطق التي تدين بالمسيحية فكانت هناك سلطتان إحداهما زمنية ويتزعمها الإمبراطور، والأخرى دينية ويترأسها البابا.وكان الصراع بين السلطتين سبباً في ضعف هذه الوحدة، لذلك تطلعت الشعوب الأوروبية إلى الانفصال عن التكوين السياسي الشامل لأوروبا لتحقيق مصالحها الشخصية. وكان الشعب الفرنسي والشعب الإنجليزي والشعب الإسباني من الشعوب التي استطاعت تحقيق هذا الهدف على حين تأخرت بعض الشعوب الأخرى في تحقيقه ومن بينها الشعب الإيطالي، ومن ثم فقد سارعت الشعوب التي استطاعت تحقيق وحدتها القومية أن تمد أطماعها إلى إيطاليا فكانت الحروب الإيطالية عام1494 حيث اجتاحت الجيوش الفرنسية شبه جزيرة إيطاليا مما ترتب عليه تحالف الدول الأوروبية لرد ذلك العدوان حفاظاً على التوازن الدولي بين دول أوروبا، فكان ظهور مبدأ التوازن الدولي بداية للتاريخ الحديث في أوروبا.3. ظهرت حركة الإصلاح الديني في أوروبا وعلى وجه التحديد في ألمانيا في القرن السادس عشر. وكان لهذه الحركة آثارها البعيدة على تاريخ أوروبا، ومن ثم اتخذ أصحاب هذا الرأي من عام 1517 بداية لتاريخ أوروبا، إذ قامت حركة الإصلاح الديني لمواجهة الفساد الذي كان يسود الكنيسة الكاثوليكية، وقد اعتنق كثير من الأوروبيين المبادئ التي أعلنها مارتن لوثر وغيره من المصطلحين أمثال: " جون كلفن"" و "أولرنج زونجلى"، ومن ثم فإن المذهب الكاثوليكي لم يعد هو المذهب السائد في أوروبا حيث بدأ المذهب البروتستانتي ينتشر في أوروبا، وكان لذلك أثره في قيام الحروب الدينية في أوروبا طوال القرن السادس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر، كما أدت إلى تفتيت الوحدة الدينية التي كانت تتمتع بها أوروبا في العصور الوسطى.ولما كانت الحروب الدينية قد اصطبغت بالطابع السياسي إلى حد كبير؛ لذلك فإن بعض المؤرخين يميلون إلى اعتبار حركة الإصلاح الديني بداية لتاريخ أوروبا الحديث.وأيا كانت هذه الآراء السابقة، فإننا نرى أنه من الصعب تحديد بداية معينة لعصر معين سواء فيما يتعلق بالتاريخ القديم أو الوسيط أو الحديث، لان هناك أدوار انتقال بين هذه العصور المختلفة، فبعض مظاهر العصور الوسطى لم تختف نهائياً في سنة معينة لتبدأ مظاهر العصر الحديث في السنة التي تليها، وإنما تتفاعل المظاهر وتظل شواهد الانتقال تدريجياً حتى تكتمل مظاهر العصر الجديد.ويمكن القول إن مظاهر التاريخ الأوروبي لا تقتصر فقط على الكشوف الجغرافية أو التحولات السياسية أو حركة الإصلاح الديني إنما كان للنهضة الأوروبية وظهور المدن وتقدم الصناعة والتجارة وكشف العالم الجديد وتطور الفكر السياسي، كل هذه العوامل مجتمعة كان لها أثرها في تحول أوروبا من العصور الوسطى إلى العصر الحديث، ومع ذلك فإن النهضة في أوروبا لم تبدأ في جميع جهات أوروبا في وقت واحد، وإنما بدأت في إيطاليا ثم انتقلت إلى البلاد الأوروبية الأخرى