يُجِيل الكاتب من خلال هذا الكتاب طَرفَه في حواضر العواصم الأوروبية وبلدانها. ويُحْمَد للكاتب في هذا المؤلَّف أنه عرض أوجه الحقائق التي قدَّمت للقارئ المرآة التي تُجلي له حسن هذه البلدان من قبحها؛ وذلك من خلال تركيزه
على الطبقة الدنيا في أوروبا، وأحوالها المعيشية المتدنية آنذاك، كما صوَّر لنا الطبيعة الجغرافية لهذه البلدان، وطبيعة سكانها، وأحوالها الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والمعالم الأثرية والحضارية بها، والذكريات التاريخية لعدد من شوارع هذه المدن، كما عقد مقارنة بين بعض الأحياء الفقيرة في تلك البلدان، وبين عدد من الأحياء الفقيرة في القاهرة، وأبدى استياءه من الفقر الثقافي لهذه البلدان عن حضارة مصر. وقد برع الكاتب من خلال مؤلَّفه في إعطاء القارئ نظرة شاملة تجمع أوجه المفارقة بين هذه البلدان، وتَحُدُّ من نظرة الافتتان الحضاري للشرق إزاء الغرب، وتحقق الرسالة الثقافية لهذا الكتاب؛ وهي أنَّ أوروبا ليست روضة الحضارة كما يتصورها المفتتنون بها من الشرقيين.