وسنن العلم مثلها، فالأمور القدرية لأمر من الأمور إن وقع فيها الجهل عاد أمر هذا الجهل بالافساد على نفس الأمر، ولذلك كانت قصص الأنبياء في القرآن أكثرها يحكي عما يقع للأنبياء من ظروف وسنن الطريق، وهذا ما كان يعظ به الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم في مكة المكرمة كما في حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه كما سيأتي في شرح الحديث إن شاء الله تعالى، بل إن من العلم الواجب أن يعلم المرء سنن الحياة وأقدارها، كتلازم الألم فيها، وكتعاقب اليسر واليسر، وسنن التدافع، وغيرها من السنن التي يجب العلم بها لما علم أن التكوين والأقدار هي من أعظم الأبواب لمعرفة أسماء الله تعالى وصفاته، ثمّ لارتباط هذه الأقدار بواجبات شرعية كما قال تعالى(( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير، الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور)).
حديث الفتى المؤمن في هذا الباب يحقق لقارئه المعاني القدرية التي تصاحب المهتدي، ويعلمه الواجبات الشرعية التي تحقق التجاوز والانتصار على هذه الأقدار، ونفع هذا الحديث في زماننا من وجوه عدة أهمها أن الحديث يتكلم عن فترة التأسيس، وهي فترة الابتلاء، وفترة الشهادة كما سيأتي شرحها وبيان نماذجها في حياة البشرية وحياة الصحابة رضوان الله عليهم، وزماننا لا شك أن فيه هذا المعنى، إذ أن سمة الأوائل أن يبذلوا، ويموتوا ليحيى من بعدهم، فمن أصحابه الضعف في ثقته على الآخرة ولقاء الله والاحتساب وطلب الأجر يوم القيامة فإنه لن يصمد في هذه المرحلة، بل سيهرب منها في انتظار غد في الأمن والطعام والغنائم، ولا شك أنه سيكون رأساً في هذا الباب، مع أنه في هذا الغد ضريبته من الابتلاء ليس في هذه الورقات محلاً لشرحها.
أسأل الله عز وجل أن يبارك في هذه الكلمات، وينفع بها كاتبها وقارئها، وأن يجعلها في ميزان عملي الصالح يوم القيامة.
كتاب درك الهدى في إتباع الفتى - أبو قتادة الفلسطيني
كتاب درك الهدى في إتباع الفتى بقلم أبو قتادة الفلسطيني..فهذا حديث عظيم النفع، فيه من الفوائد للمهتدين والدعاة والمجاهدين، اذ أن حال هذا الفتى هو حال أهل الحق في زمان الفتن والابتلاءات، يصيبهم ما أصابه وأصاب المهتدين معه وبه، وإذا كان الأمر كذلك فإني رأيت أن أشرحه على معنى يبرز هذه المعاني، فينتفع به أهل الاسلام عموماً وشبابه خصوصاً في سيرهم إلى الله تعالى، اذ خلو قلب المهتدي من هذه المعاني عند وقوع سنن الطريق في الهداية والدعوة والجهاد يردي المرء في ظنون الباطل، فيتلقفه الشيطان اغواءاً وافساداً واضلالاً، والمرء لا يكفيه أن يعلم الحق في نفسه بل لابدّ من معرفة ظرف هذا الحق وسنه، وهذا من العلم الواجب، اذ سياسة العلم كالعلم وجوباً،
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.