كتاب رؤية بقلم حسين جداونه .. رؤية مجموعة قصصية تنتمي إلى الأدب الوجيز: القصة القصيرة جدا. تتناول المجموعة بعض القضايا الأساسية والمفصلية المتعلقة بالذات الإنسانية، في أثناء مواجهتها للواقع المعيش، إذ يشتبك الهم الفردي بالهم العام. فترصد عن قرب تقهقر الذات وانسحاقها أمام الواقع القاسي، الذي وجدت نفسها تخوض حربًا شرسة معه، فإذا تركته فإنّه لا يتركها. فالمجموعة تحمل مضامين إنسانيّة واجتماعيّة ونفسيّة وسياسيّة واقتصاديّة وفكريّة، مستهدفة المجتمع المحلي، ومن خلاله المجتمع العربي والإنساني. وتنتصر للقيم الإنسانيّة العميقة: الخير والمحبة والتسامح، مقابل الشر والكراهيّة والتعصب. يواجه الكاتب عبر قصصه العالم الواقعيّ، وفي الوقت نفسه يتوارى متقنًعًا بها؛ ليخفّف من ضغط مواجهة العالم، وأثقاله التي تجثم على تفاصيل وجود الذات، الجسدي والروحي. ثمة رؤية مهيمنة على نصوص المجموعة، تتجلّى حينًا وتختفي حينًا آخر، لكنّها كامنة خلفها جميعًا، إذ تكشف عن لحظات رغبة الذات ورهبتها، وإقبالها وإدبارها، وأملها وجزعها، وعلوّها واستفالها، وبذلها وأنانيّتها.. راصدة تقهقر الذات وانسحاقها أمام الواقع المعيش، لكنّها في النهاية لا تفقد الأمل وإن كان بعيدًا. ومن أجواء المجموعة القصصية نقرأ النصوص الآتية: حقل في المساء، رجع إلى بيته. ضمّد جراحه، أطفأ حرائقه، لملم شظاياه جبّر عظامه.. في الصباح، استأنف سيره، في حقل الألغام من جديد... *** رؤية تمّ نموّه.. طلبوا منه الاستعداد للمغادرة. سألهم إلى أين؟ قالوا له بلهجة حاسمة: إلى دنيا آبائك وأجدادك. أطرق واجمًا، أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال لهم: ألا يوجد مكان آخر؟ *** حلم لم يكن أمامه سوى حلم جميل أو احتمال آخر مريع. كافح بشراسة، قاوم جميع المعوّقات، آمن بقدراته، وكان مصمّمًا على تحقيق حلمه الجميل. أخيرًا، تحقّق الأمر الآخر المريع ...