كتاب رحلة إلى أوروبا 1912

تأليف : جرجي زيدان

النوعية : الأدب

كتاب رحلة إلى أوروبا 1912 بقلم جرجي زيدان .. يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة "إرتياد الآفاق" والتي تهدف إلى بعث واحد من أعرق ألوان الكتابة في ثقافتنا العربية، من خلال تقديم كلاسيكيات أدب الرحلة، إلى جانب الكشف عن نصوص مجهولة لكتّاب ورحّالة عرب ومسلمين جابوا العالم ودوّنوا يومياتهم وانطباعاتهم، ونقلوا صوراً لما شاهدوه وخبروه في أقاليمه، قريبة وبعيدة،

  لا سيما في القرنين الماضيين اللذين شهدا ولادة الاهتمام بالتجربة الغربية لدى النخب العربية المثقفة، ومحاولة التعرّف على المجتمعات والناس في الغرب. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه السلسلة من كتب الرحلات العربية إلى العالم تهدف إلى الكشف عن طبيعة الوعي بالآخر الذي تشكل عن طريق الرحلة، والأفكار التي تسرّبت عبر سطور الرّحالة، والانتباهات التي ميّزت نظرتهم إلى الدول والناس والأفكار. فأدب الرحلة، على هذا الصعيد، يشكل ثروة معرفية كبيرة، ومخزناً للقصص والظواهر والأفكار، فضلاً عن كونه مادة سرديّة مشوّقة تحتوي على الطريف والغريب والمدهش مما التقطته عيون تتجول وأنفس تنفعل بما ترى، ووعي يلم بالأشياء ويحللها ويراقب الظواهر ويتفكر بها. والرحلة التي يروي هذا الكتاب تفاصيلها هي رحلة صحافي عربي لبناني رائد، بكل ما للعلم والريادة من معان ودلالات وإيحاءات وما فيها من آثار الاكتشاف والإنارة والتسامي. هذا الصحافي هو جرجي زيدان الرجل النهضوي الذي أثارته قضايا النهضة واستحوذت على اهتمامه وهذا ما دفعه للدخول في خضمّ الجدل القائم بين رجال الفكر والقلم في مصر حول استحقاقات التحديث لمواجهة تحديات العصر، ودفعه هذا أيضاً لترك الدراسة والاتجاه إلى العمل في الصحافة، ليجعل منها منبراً مفتوحاً يعبّر من خلاله عن آراءه ومواقفه. ولعل رحلته إلى أوروبا التي يجمع هذا الكتاب تفاصيلها جاءت تتويجاً لجهوده السابقة في مجال التأليف، وكأنه حينما عقد العزم على القيام بها، كان يحسُّ بدنو الأجل، فسارع إلى تنفيذها وتدوين نتائجها بدقة لا مزيد عليها، ليقدم للقارئ العربي صورة أمينة لتجربة الغرب الحضارية لعلّها تغريه باستلهامها، واقتفاء أثرها للخروج من حالة التخلف والركود التي رانت على العقول والقلوب لعدة قرون. لم تكن رحلة جرجي زيدان إلى أوروبا سنة 1912 رحلة استجمام واستمتاع بقدر ما كانت رحلة علمية مبرمجة، تجشم القيام بها في آخر العمر ليكتب وصفاً مفصلاً ودقيقاً عن أحوال المدينة الغربية ممثلة بكل من فرنسا وإنكلترا اللتين تجسدان خلاصة هذه المدينة في جانبيها المادي والمعنوي، في الوقت الذي كانت تتطلع فيه عيون الشرقيين إلى الخروج من ربقة التخلف، والسير في ركاب الأمم المتمدّنة. لقد أراد صاحب الرحلة أن يبين ما يَحْسُنُ أو يقبح من عوامل تلك المدينة بالنظر إلى طبائعنا نحن العرب وعاداتنا وأخلاقنا. فاختار أهم العناوين التي تقاس بها المدنيات ليقدم للقارئ العربي وصفاً أميناً لما يندرج تحتها من تفصيلات تعتمد على الإحصاء الدقيق المسند إلى السجلات. فبدأ بالتعريف بنظام الحكم في كلا البلدين، ثم تطرق إلى الأمور التي تهمّ القارئ العربي الذي يتطلّع إلى تحدي مدينة الغرب في نهضته المعاصرة، فيصف العمران، والمدن، ونظامها الدقيق، ونظافة شوارعها، وأسواقها، ومتاحفها، ومعابدها، ومكتباتها، وآثارها، وحياة الناس فيها، وما توافقوا عليه من عادات في اللباس، والطعام والشراب. ولا يفوته أن يحصى الثروات في كل بلد، والحالة الاقتصادية، ثم الحالة العلمية، وأسماء الجامعات والكليات في كل بلد، وأعداد طلبتها، وتاريخ تأسيسها. ثم يصف حال المرأة في أوروبا عامة وفي فرنسا وإنكلترا خاصة، وما أحرزته من تقدّم في نيل حقوقها في التعليم والعمل، وحرية التصرف التي قد تصل إلى حدّ الشطط في بعض الأحيان. إن الحديث عن الجوانب المادية في حضارة الغرب لم يشغل صاحب الرحلة عن الالتفاف إلى الجوانب المعنوية وبخاصة الأخلاق المصاحبة لهذه الحضارة، فذكر طباع الناس في كل بلد، وما يمتاز به كل شعب عن الآخر، كما وازن بين فن التمثيل في فرنسا ومثيله في مصر وبين وجوه الاختلاف...  

شارك الكتاب مع اصدقائك