هذا وقد اجتهدنا في تحقيق هذا الرسالة بالرجوع إلى كثير من المخطوطات وصححنا كثيرا من الأخطاء التي أتلفت المعاني، ومع ذلك نرجو أن نقف على نسخة الشيخ التي بخط يده الأولى ونسخته الثانية أو المنقولة منها لنرفع كل لبس عن عباراته التي خرجت في قالب الألغاز والرموز الدقيقة.
عنوان هذه الرسالة فيه دلالات دقيقة صحيحة أختصرها فيما يلي: قوله: "المعلوم" إشارة إلى أن هذه العقائد قطعية يقينية، ليست مظنونة ولا مشكوك فيها. وقوله: "علماء الرسوم" مقصوده ما اتفق عليه المتكلمون من أن جميع التعريفات المذكورة للصفات الربانية في هذا العلم الشريف إنما هي من قبيل الرسوم، وأنه يستحيل إدراكها بالحدود. وهذا لمن كان له أدنى درجات الفهم ليس فيه قدحٌ في السادة المتكلمين ولا في علمهم، فإنهم لا يدعون معرفة الحقائق الإلهية بالحدود، بل يصرحون بأنهم لا يصلون إلا إلى الرسوم وهي كافية في مطلوبهم، كما لا يدعي متكلم سنيٌّ بأنه بلغ المرتبة العليا والغاية في معرفة الله تعالى بحيث لا يطلب الازدياد فيها، لذلك يقرّ متكلمو أهل السنة بأن الرياضة الروحية وكثرة العبادات المبنية على المعارف الرسمية تزيد العابدَ معرفة بربِّه تعالى. فالذي يتوهَّمُ بأن عنوان هذه الرسالة فيه غمزٌ أو حطٌّ من قدر السادة المتكلمين السُّنة ومن معارفهم ففي آلات إدراكه خللٌ، بل هو عنوان بالغ المطابقة للحق والواقع، كاشف عن الأمر على ما هو عليه، مقبول من طرف المتكلمين شكلا ومضمونا، وبالله تعالى التوفيق دون إطالة لأهل الفهم. نزار حمادي
