ينبغي عند البحث في حال من أحوال الاجتماع أن ينظر إليها من حهتين مختلفتين تماماً، وحينئذ ينجلي للباحث أن تعاليم النظر المحض تخالف غالباً تعاليم النظر العملي، وليس من النتائج - حتى نتائج الأبحاث - مايشذ عن هذه القاعدة إلا يسيراً.
ويجب الاهتمام بهذه الصور الصورية أكثر من الاهتمام بتلك الصورة الحقيقية لأنها هي التي تتراءى أمامنا وهي التي يمكن للرسم أو لآلة التصوير أن تنقلها إلينا، ومن هنا جاز القول بأن الصوري حقيقي أكثر من الحقيقي في بعض الأحوال. وعلي هذا يجب على الحكيم الذي يبحث في الأحوال الاجتماعية أن لا يغفل عما لهذه الأحوال من القيمة العملية بجانب قيمتها العلمية، وأن الأولى هي التي لها شيء من الأهمية في تطور المدنيات. وملاحظة ذلك تقتضي الحيطة والحذر من الوقوف عند ما قد يسوق إليه الاستنتاج المنطقي