كتاب شعلة قنديل بقلم غاستون باشلار..إذا كان حالم الشعلة يحادثها، فهو يحادث نفسه، وهاهو شاعره حين يكبّر العالم، مصير العالم، وحين يتأمل في مآل الشعلة، إنما يكبّر الحالم اللغة لأنه يعبّر عن جمال العالم. وبتعبير تجميلي كهذا، تكبر الحياة النفسية عينها وترتفع. فقد أعطى تأمل الشعلة لحياة الحالم النفسية غذاء صعودياً، تغذية عمودية مصعّدة. إنها غذاء هوائي، مناقض لكل "الأغذية الأرضية"، وليس هناك مبدأ أفعل منه لإناطة التعيينات الشعرية بمعنى حيوي. الالتهاب عالياً، وأعلى دائماً ليكون على يقين من توليد النور.

لبلوغ هذا "المرتفع النفسي"، لا مناص من نفخ كل الانطباعات، نافثين فيها مادة شعرية. هذا وأن الإسهام الشعري هو كافٍ بالنسبة للمؤلف غاستون باشلار لتقديمها في كتابه هذا وحدة للأحلام التي جمعها تحت برج القنديل. ويمكن أن تحمل هذه السيرة عنواناً فرعياً: "شعر ألسنة اللهب". عملياً وهو في استطرادته هذه لا يأمل إلا في متابعة خط واحد من الأحلام، ويبقى في نطاق وحدة مثلٍ واحد، وذلك بغاية بلوغ جماليات عينيّة، جماليات قد لا تكون مشغولة بسجالات فيلسوف، ولا تكون معقلنة بعقلانية أفكار عامة، سهلة. إن الشعلة، والشعلة وحدها تستطيع تجسيد الوجود بكل خيلاته، وتعيين الكائن بكل أشباحه، فالشعلة تثمر الخيال الأدبي، وفي هذا المنحى يقدم باشلار استطلاعته حول الخيال الأدبي، في محاولة لتحقيق الواقع بالكلام، الرسم بالكلمات، ذاك أن الخيلات المحكية تترجم الإثارة الخارقة التي يتلقاها خيالنا من أبسط الشعل.