كتاب صندوقي الأسود بقلم أنيس منصور .. في كل مرة احاول ان اكتب مذكراتي او قصة حياتي فانني اتوقف واتساءل: وما فائدة ذلك عند القاريء انا اقول واحكي واقرأ فماذا استفاد؟ وفي معظم الاحيان اجيب عن هذا السؤال: ولا حاجة واذا كان يريد ان يعرف فأمامه كتبي ولكن هل يستطيع أحد ان يقرأها كلها ليعرف من انا فانت لا تستطيع ان تنقل البحر في زجاجات لكي تحللها وتعرف طعم ماء البحر.. كوب واحد يكفي بل اقل من كوب واننا نحلل الدم والبول قليل من الدم وقليل من البول وهي تنوب عن كل الدم الموجود في الجسم فكتاب واحد يكفي او كتابان اما أكثر فهذا ما سوف يقرأه المؤرخون أو النقاد.. ان قرأوا ولنفرض انهم قرأوا فماذا؟ والجواب ولا حاجة والسؤال: فلماذا تكتب؟ والجواب: لانني اريد ان اقول انت لا تسأل عن العصفور لماذا يصوصو فأنا اصوصو وكذلك كل الكتاب ابتداء من أبينا هيرودوت حتي كاتب هذه السطور.. انني مثل فلاح يزرع حديقة.. ويرويها من يراها تعجبه او لا تعجبه.. ولا اتوقف، ان النحلة التي تفرز العسل لا تتذوقه ولم تتعلم في ملايين السنين ان تكف عن افراز العسل واذا ارادت النحلة ان تدافع عن نفسها خرجت كل احشائها وماتت ولم تتعلم وكذلك الكاتب والشاعر والمطرب والفلاح والعامل بل الوردة نفسها تطلق شذاها ولو لم يشمها احد ان الفلاح اصبح لا يشمها ولا يحس بها وكثيرا ما ضاق بها تماما كما يضيق كل انسان بعمله.
وفي كل مرة اكتب عن حياتي وقد حاولت ذلك كثيرا في كتبي كنت اتوقف عن الحديث عن السنوات الاولي عن ابي وامي لا اجد مبررا للكتابة عنهما مع ان هذا ضروري جدا والسبب فانهما قد اثرا في تكويني سلبي او ايجابي انه اثر قوي ربما كانت امي هي الاكثر اثرا لانها الاكثر حضورا في حياتي وهنا يتوقف القلم عن الكتابة لماذا؟ انقطعت الحرارة جف القلم انسدت الابواب في وجهي وخرست الدنيا اخفت المعاني فلم تعد لها ضرورة اظلم نفسي؟!
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.