كتاب ضد موت المؤلف بقلم صلاح فضل زارني صحفي شاب فلسطيني مثقف يعمل في صحيفة كويتية، وسألني كيف اخترقت إسرائيل بنية الثقافة المصرية بعد كامب ديفيد وكيف خضعنا لغزوها الصهيوني. ولما كنتُ حديثَ عهدٍ بالغليان الفكري المصري، ورفض كافة المثقفين والمهنيين للأمر الواقع السياسي فقد أخذت أشرح له طبيعة الوضع الثقافي العربي
في مصر، وأنه ليس من الهشاشة والتفاهة بحيث يتحول نتيجةً لتغيُّر البوصلة السياسية. ففاجأني بقوله: وماذا عن التطبيع؟ فأجبتُه: إنه مجرد نُكتة! كان الحديث مطولًا وعميقًا، لكن العنوان الذي اختاره الصحفي في صدر الصفحة يقول: «مستشار في السفارة المصرية بمدريد يقول: «التطبيع نُكتة». وكانت إسرائيل تتلكأ في عمليات الانسحاب، وكان السادات قد أصدر قراراته الشهيرة بسجن جميع الشخصيات المؤثرة في الحياة العامة من معارضيه دُفعةً واحدة، وأصبحتُ في موقف حرج، فإما أن أكذِّب ما صدر مني تفاديًا للمأزق الدبلوماسي، وإما أن أتحمل النتيجة. وسكتُّ انتظارًا للإقالة باعتبارها أيسر تضحية للقضية. ولكن حادث المنصَّة غطى على كل ما عداه في تلك الآونة!