كتاب طروس من تراث الإسلام

تأليف : رشيد الخيون

النوعية : التاريخ والحضارات

كتاب طروس من تراث الإسلام بقلم رشيد الخيون.. الكتاب عبارة عن طروس كتبت في فترات متفاوتة ونشرت في فترات متفاوتة أيضاً. ومنها ما لم ينشر من قبل. تجمعها بلا شك موضوعة التراث الإسلامي السياسي منه والاجتماعي. وتناولت بتوسع إشكالية الدولة الدينية، التي تلوح بها الجماعات الإسلامية المتشددة بين فترة وأخرى، وتجدها هي الحل لمعضلات الحاضر، واضعة كل رأي مخالف في خانة الإلحاد، وما العلمانية لديها سوى نفي وجود الله، وليس الفصل بين الدين والدولة. لذا اضطر بعض علماء الدين، ممن يؤمنون بفصل الدين عن الدولة، إلى التسليم للأمر الواقع، وإعلان ما سموه بالعلمانية المؤمنة. تبنت تلك الدولة في مختلف مراحلها، وعلى تنوعها الديني، القسوة والعنف ضد المجتمع، أي العنف باسم الله، وهذا ما حدث في أوروبا عندما كانت الكنيسة على رأس السلطة، وبعدها جاءت التجربة الإسلامية السياسية في ظل الخلافة، وما تمارسه الجماعات السلفية وهي تناضل من أجل السلطة

وفي هذا السياق عالج أحد فصول الكتاب أو طروسه قضية حساسة، يعيشها العالم في الشرق والغرب على السواء بخوف وفزع، ألا وهي قضية الانتحار والانتحاريين، ليس يأساً من الحياة وخلاصاً من تكاليفها بل طمعاً في الجنة، وهذا ما كانت عليه القلاع النزارية والتي عرف أصحابها خطأ بالحشاشين نسبة إلى المخدر المعروف. الجماعات التي أرعبت العالم بخناجرها. وربما يعترض معترض بالقول: إن تلك الجماعات لم تكن تمتلك الديناميت أو المواد الناسفة الأخرى فكيف وصفت بالانتحارية؟ نعم، هناك ما يدلل على أنها انتحارية، وإن لم تمتلك تلك المواد! وهو أن مقاتليها كانوا يسعون إلى ضحيتهم ثم ينتظرون موتهم، هذا ما حصل مع قتلة الوزير نظام الملك، والخليفة العباسي وغيرهما.

من طروس الكتاب الأخرى ما تعلق بالمعاملة بين الحاكم والمحكوم، وما خص تقديم العدل على الإيمان، جاء ذلك في فتوى الفقيه ابن طاوس عندما أراد هولاكوخان تحديد موقفه وكيف يستمر حاكماً في بلاد الإسلام، وهو البوذي الذي يحكم غير ملته، وقد ظل المغول بعده حوالي ثلاثة عقود على ديانتهم السابقة. وكانت مناسبة أن يدخل مذهب ابن طاوس، وهو الشيعي، إلى المدرسة المستنصرية، بعد حرمان طوال وجودها العباسي (631-656هـ). فلم يعن هولاكو بالخلاف المذهبي أو الطائفي بين المسلمين، بقدر ما عناه استتباب الأمر له، والأفضل أن يتحقق العدل بين المذاهب المختلفة.

ولا يخفى أن للعراق حضوراً في هذه الطروس، فإنها كتبت بعد الحدث الزلزال وهو سقوط نظام بغداد في التاسع من إبريل 2003، وما حدث ويحدث من حرية غير مقيدة بقيود، وما صاحب ذلك من قتل وفوضى، ومغالبة بين الأحزاب الدينية نفسها، وما حصل في الشارع العراقي من مأساة. وبهذه الصلة كانت النجف البلدة الحاضرة، حيث انتظار الفتوى من مرجعيتها، وهي تلك المدينة التي أسسها الضريح، وخالفت في أسباب تأسيسها ما نقله أبو حيان التوحيدي عن بعض الحكماء: "المدن تبنى على الماء والمرعى والمحتطب والحصانة" (الإمتاع والمؤانسة).

كذلك صلة بالحدث العراقي والديني في الوقت نفسه كان للفلوجة طرساً خاصاً، ولذبائح البشر بالعراق طرساً من طروس الكتاب. وكم يعيش العراق من مفارقات، فهو على حد مخيلة مؤرخيه، وما دونته كتب التاريخ الأخرى، وشهدت به الكتب المقدسة أنه أرض الأنبياء والرسل، تمتد قباب أضرحتهم من شماله إلى جنوبه، ناهيك من قباب أضرحة الأئمة المذهبية وأولياء الله الصالحين، والاعتقاد بوجود مدافن آدم ونوح، وبقايا سفينة إنقاذ البشر على هذه الأرض، ومع كل هذا الوجود المقدس والعراق يخرج من محنة ليدخل أخرى أقسى منها.

عموماً، الكتاب بطروسه العشرين والنيف كتاب تراثي بموضوعاته، جمع بين الفقه والدين والمادة الأدبية. 

شارك الكتاب مع اصدقائك