الا أننا ندعو الى الاسلام الصحيح : دينا ودولة ، عبادة وقيادة ، صلاة وجهادا ، مصحفا وسيفا . وفى معتقل " هاكستيب " فى الصحراء ، كنت أقرأ فى كتبه الأدب والتاريخ ، فكان مما راقنى وأثر فى نفسى موقف سعيد ابن جبير العالم الفقيه الشجاع ، من الطاغية المتجبر الحجاج بن يوسف . وكان لى شغف بالأدب المسرحى حينذاك ، حتى أننى ألفت وأنا طالب بالصف الأول الثانوى مسرحية شعرية ، عنوانها " يوسف الصديق " . لهذا رأيت قصة سعيد مع الحجاج صالحة لأن تكون مسرحية ذات هدف ورسالة ، وخاصة أننا كنا نصارع طغيان الحجاج ، فما أحوجنا الى مواقف كموقف سعيد !! وكتبت المسرحية ، ومثلت فى معتقل الطور .. وضاعت أخيرا . واليوم يعيد التاريخ نفسه ، وتتكرر المأساة ، ويتجدد الطغيان الاضطهاد لحملة الدعوة الاسلامية ، ولكن بصورة أعنف وأقسى ، وأشد ضراوة ووحشية ، وتبرز مواقف كمواقف سعيد فى مواجهة طغيان أخبث وأعتى وأشد كفرا من طغيان الحجاج . ومن هنا وجدت الدافع الذى دفعنى الى كتابتها بالأمس ، لا يزال قائما اليوم ، بل هو أقوى ، وبدأت أكتبها من جديد ، مستلهما تاريخ تلك الحقبة الغنية بالبطولات والمواقف الرائعة الى جوار ما حفلت به من مظالم ، وما طفحت به من تجبر وطغيان ، ومستهديا بشخصية سعيد بن جبير ، وما عرف به من علم وايمان وشجاعة وثبات ، سجلتها لنا كتب الأدب والتاريخ والرجال .
كتاب عالم وطاغية تأليف يوسف القرضاوي
تقديم الدكتور يوسف القرضاوي: هذه المسرحية جديدة قديمة ، جديدة فى صورتها هذه ، قديمة فى موضوعها نفسه .. فقد كنت كتبتها بشكل آخر منذ سبعة عشر عاما ،وقدر لها أن تمثل وأن تلقى نجاحا وقبولا حسنا ، ثم قدر لها أن تضيع متى فلا أجدها . وهنا تعود بى الذاكرة الى سنة ١٩٤٩ ، اذ كنت أحد الطلاب الذين أختطفتهم " كلاب الصيد " وألقت بنا فى بطون المعتقلات ما بين " هاكستيب " و " جبل الطور " من أرأضى مصر ، وما نقموا منا