كتاب علل وأدوية تأليف محمد الغزالي .. من المشاهد أن للأجواء الرديئة أثراً فى صحة الأبدان، فإذا ركد الهواء وانتشر الغبار وتطايرت الأدخنة والأكدار، وطال الأمد على هذه الحال، فإن السقام يتخلل الأجسام، والشحوب يكسو الوجوه. ومن المشاهد أن للأغذية المنقوصة أو المضطربة مثل هذا الأثر أو أشد، فقد يتغضن الجلد وتملؤه البثور وقد يلين العظم ويتعرض للكسر، وقد تعتل الحواس وتختل وظائفها. وإذا كانت هذه المشاهدات موضع تسليم فى حياة الناس المادية فيجب أن تكون كذلك موضع تسليم فى حياتهم المعنوية. وإننى من تعرفى على أحوال أمتنا أميز الأمراض الموروثة عن الوافدة حتى لا أضل العلاج، ولا أسمح للأغراض المتشابهة أن تخدعنى عن جراثيمها المختلفة. وفى تلمس الأدوية أفرق بين الإسلام من مصادره المعصومة وبين تاريخه المتفاوت بين مد وجزر، وسواء أكان هذا التاريخ سياسياً أو ثقافياً.