رواية فتاة مصر يعقوب صروف .. فتاة مصر» ليعقوب صروف : صورة للمجتمع المصري أوائل القرن العشرين من المفترض اليوم أن يكون السجال الكبير الذي كان يدور بين الفينة والأخرى من حول «الرواية العربية الأولى» قد حُسم. وتحديداً في اتجاه أن رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل ليست هي الرواية الأولى التي كتبت في مصر كما في أنحاء أخرى من العالم العربي. فمنذ زمن صارت هناك أماكن لعشرات الروايات العاطفية والتعليمية والتاريخية التي صدرت قبل رواية «زينب» وصارت هناك أماكن لعشرات الكتاب الذين سبقوا هيكل الى فن الرواية. فهناك علي مبارك (في «علم الدين») وجرجي زيدان (في رواياته عن تاريخ الإسلام) وفرنسيس المراش ومحمد لطفي جمعة وبخاصة محمد المويلحي (في «حديث عيسى بن هشام») ويمكن للائحة أن تطول، لكننا سنكتفي بأن نضيف إليها هنا اسماً قد يستغرب كثر وجوده: اسم عالم كبير وصحافي عريق هو يعقوب صروف الذي كانوا قلة الى فترة قريبة، أولئك الذين يعرفون أنه خاض في فن الرواية. بل كتب ثلاث روايات، على الأقل، صدرت وقُرئت قبل «زينب» بسنوات، وهي «فتاة الفيّوم» و «أمير لبنان» و «فتاة مصر». ولئن كانت هذه العناوين تحيل الى لبنان ومصر تباعاً فما هذا إلا لأن الكاتب عاش ونشط في البلدين وكان يعرفهما جيداً حتى وإن صدرت الروايات الثلاث في الشقيقة الكبرى. وتعتبر رواية «فتاة مصر» الأشهر بين روايات صروف. بل لعل في الإمكان حسبانها بين الروايات الأقوى سبكاً والأسلس لغة، والأقرب الى حراك المجتمع المديني المصري وتقلباته خلال الفترة التي تتحدث عنها، وهي على أية حال، الفترة التي كتب صروف الرواية فيها، أي الأعوام الأولى من القرن العشرين. ولعل في إمكاننا هنا أن نصف الرواية بأنها من أول الأعمال الاجتماعية القصصية في الأدب العربي. إذ في وقت كان الكتاب العرب يتوجهون الى الماضي، أو الى الرومانسية المفرطة أو الى الإغراق في الحس التعليمي، وجد صروف نفسه يرصد المجتمع المصري القاهري رصداً دقيقاً ليعكس الحياة اليومية المصرية في حكاية قد لا تخلو من بعد ميلودرامي ومن خطّية في السرد ومن شيء من الافتعال في تراكم الحوادث وانعكاسها على الشخصيات، لكنها في الحقيقة من نوع تلك الحوادث التي يمكن أن تقع في أي زمان ومكان.