كتاب فرحات عباس رجل الجمهورية بقلك حميد عبد القادر.."كتبت هذا الكتاب عقب بروز نظرة جديدة للتاريخ، أتى بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، و التي فتحت المجال بذكاء أمام المهتمين بالتاريخ لتناول قضاياه بكل حرية، و جاء في أحد خطاباته، ما يلي: "أطلب من كل المؤرخين أن يدرسو التاريخ من منطلق تصور جديد، و أن لا يتوانوا عن ذكر سلبيات الحدث التاريخي و إيجابياته في نفس الوقت، و إخضاع المراحل و الأحداث المجهولة أو المحرفو لقراءة جديدة". صحيح أن الخطاب الرسمي بعد أكتوبر 1988، لم يعد يضع عوائق أمام تقديم قراءة جديدة للتاريخ، إلا أن مرحلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هي التي وضعت أسس الفكر الليبرالي، فقد تميزت بالوضوح، و بالرغبة في إعادة الإعتبار لرموز السيادة الوطنية الجزائرية، و تجاوز النظرة الإقصائية التي دعا إليها الخطاب التاريخي الرسمي و الجامعي على حد سواء منذ 1962.
إنني أعتمد بالأساس على قراءة نقدية، لا تمجد البطولات و لا الزعامات، لكنها في نفس الوقت لا تطعن في الظهر. فالنقد لا يعني الرفض، بقدر ما يعني القراءة التي ترى أن التاريخ لا يقوم على التمجيد، إنه اللحظة التي يقوم فيها العقل بتقديم قراءة تنبذ الأيديولوجي، و تحتفي بالإنساني.
إن "التاريخ الجديد" يعتني بمسألة الهامشيين، و بالذين لم ينالوا أي اهتمام من قبل التاريخ الرسمي، لأسباب إيديولوجية و سياسية. هذا ما دفعني لوضع كتاب حول فرحات عباس.
لقد قيل الكثير عن فرحات عباس. و حاولت أطراف معادية للنخب و الفكر في الجزائر أن تشوه صورته، فألصقت به جزافا تهمة الإندماجي، دون التدقيق في مواقفه و قراءة كتاباته التي تبرز الرجل في صورة جزائري كان يحمل الهم الوطني منذ مطلع ثلاثينات القرن العشرين..."