إن الإفتتان بالأحجار الكريمة مزروعاً بعمق في قلب الإنسان، ويبدو أن السبب لا يقتصر فقط على ألوانها البراقة أو وهجها الجذاب ولا على صلابتها وثباتها، بل هناك أسباب أخرى تكمن في اللاوعي البشري تضفي إليها هيبة خاصة تميّزها عن باقي الأما إن كافة الشعوب حول العالم، حتى في الجزر النائية، ما
زالت تختزن في فلكلورها الشعبي شظايا وفتات من معتقد عريق تم توارثه عبر الأجيال يتحدث عن تأثيرات وخواص ماورائية وقوى سحرية كامنة في الأحجار الكريمة. مما يدل على أن هذا المعتقد المنتشر عالمياً ينحدر من أصل واحد، ولا بد من أن يمثّل علماً متطوراً كان له مكانته الرفيعة بين حكماء الماضي البعيد أما الآن فلم يبق منه سوى الخرافات والشعوذة والكثير من المغالطات والمعلومات الخاطئة التي لا يمكنها أن تمثل مرجعاً مجدياً يستند إليه الباحثون؛ جميع الكهنة والماجوس، الحكماء والفلاسفة، المستبصرين والمتنبئين، الفلكيين والخيميائيين الذين توارثوا الحكمة القديمة وجدوا في الأحجار الكريمة أموراً وخواصاً لا نستطيع إستيعابها أو نفطن لها في عصرنا الحالي. ويجب العلم بأن الحُلي المُرصّعة بالمجوهرات لم توجد في الأصل لأسباب تزينية أو تجميلية، بل لأسباب صحية وسحرية؛ فالغاية كانت الحماية والتحصين، وليس للزخرفة والتزيين. لقد أصبحنا نعلم اليوم بأن جميع الأشياء في هذا الكون، والتي تزيد درجة حرارتها عن الصفر، هي باعثة للإشعاعات الكهرومغناطيسية. إذاً فقد صدق حكماء العالم القديم في نظرتهم تجاه المواد الصلبة، كل شيء في الطبيعة يبعث إشعاعات، وتختلف طبيعتها وخواصها حسب إختلاف نوع المادة الباعثة، على ماذا استند حكماء الماضي في توصلهم لهذه الحقيقة العلمية؟... وكيف استثمروها، ووفق أي أساليب؟... هذا ما سنتعرّف عليه في هذا الكتاب.