كان الحوار والنقاش في أورقة الجامعات الأوروبية وأميركا يدور حول مواقف هايدغر الفكرية، وهل تحمل نوعاً من أنواع الإتساق مع مشروعه المهم لتقويض الأنطولوجيا؟... ومن هنا، يمكن النظر إلى هذا الكتاب على أنه شاهد حي على فلسفة هايدغر والتحولات التي أصابتها من جراء العاصفة الرهيبة التي كانت تترك آثارها على أوروبا بشكل عام وعلى ألمانيا بشكل خاص. يحاول دريدا في هذا الكتاب أن يؤكد الأمر اللاحق وهو أن هايدغر لم يسأل نفسه مطلقاً السؤال التالي: "ما هي الروح؟" أو على الأقل، لم يفعل ذلك تحت أي صيغة من صيغ التساؤل، وحتى تحت أي نمط من أنماط تطورات مسارات الأسئلة الكبرى اللاحقة في فلسفته، على سبيل المثال: "لماذا كان هناك وجود بدلاً من العدم؟" و"ما هو الوجود؟" و"ما هي التكنولوجيا؟" و"بماذا يُدعى التفكير؟". بعبارة أخرى، إن هايدغر - على حد تعبير دريدا - لم يجعل من "سؤال الروح" واحداً من أقطاب الأسئلة الكبرى والتي تعرض من خلاله الميتافيزيقا "سؤال الوجود". ولتأييد حجته في هذا الجانب يقول دريدا: إن مجمل النقاشات والحورات التي دارت خلال كتاب هايدغر "مدخل إلى الميتافيزيقيا" عن "الوجود والصيرورة" و"الوجود والتمظهر" و"الوجود والتفكير" و"الوجود والواجب"، و"الوجود والقيمة" لم تتطرق إلى سؤال الروح إطلاقاً أو حتى على الأقل لم تمسه مساً خفيفاً".
كتاب في الروح - هايدغر والسؤال - جاك دريدا
إن كتاب جاك دريدا" "في الروح، هايدغر والسؤال"، يمثل واحداً من أهم الأعمال التي صدرت في العالم الغربي على إمتداد النصف الأخير من القرن العشرين ومقتبل القرن الواحد والعشرين، وكان صدوره بالفرنسية في أواخر عام (1987) في وقت
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.