لذلك فعلت أخيرًا ما كنت أفكر في فعله لسنوات، منذ بدأت في دراسة التراث الروحاني للشرق كطالب مستجد. ركبت مترو أنفاق وسط المدينة المتجه إلى مركز زن التقليدي وبدأت ممارسة التأمل. لم أظن في ذلك الوقت أن هذه كانت بداية تكريس حياتي للحياة الروحانية واكتشاف كيف نستطيع تحرير أنفسنا من المعاناة وعيش حياة سعيدة، ومسالمة، ويقظة.
استغرق الأمر مني سنوات من متابعة أنفاسي ومراقبة أفكاري كطالب زن مجتهد لأبتعد تدريجيًا عن الوساوس التي ابتليت بها. في تلك الأيام لم تكن هناك طرق مختصرة، ولا كتيبات إرشادية متاحة بسهولة حول طبيعة العقل، ولا أحد يقول ببساطة: "انظر، كف عن هذا، أنت لست أفكارك"؛ بعبارة أخرى، لم توجد كتب مثل هذا الكتاب. يستخلص كتاب لا أستطيع التوقف عن التفكير حكمة العمر المستمدة من خبرة المؤلفة في التأمل، وتعليمها للآخرين، وعقود من تقديم العلاج النفسي لمرضاها حول التعامل مع العقل، في دليل إرشادي موجز لفك الارتباط بينك وبين أفكارك وإيجاد السلام والرضا في الوقت الراهن، دون قضاء سنوات في التأمل.
كما تشير كولير، نحن مدمنون على تفكيرنا ونؤمن بأننا لا نستطيع الاستمتاع بالحياة دون التماهي مع القصص اللا نهائية التي يثيرها العقل. في الواقع، إننا نعتبر هذه القصة المعقدة هي حقيقتنا حقًا، وحقيقة كوننا ذاتًا منفصلة، ونخاف تصور كيف يمكن أن تكون الحياة دونها. بالتأكيد، قد نعاني بشدة، لكننا نؤمن إيمانًا راسخًا بأن المعاناة هي نتيجة حتمية لما يحدث خارجنا، وما يفعله الآخرون بنا، وما تفرضه الحياة علينا، بدلًا من النظر إليها على أنها أمر اختياري وفي وسعنا التحكم فيها. ربما حتى يكون لدينا ولاء لمعاناتنا لأننا نؤمن بأننا بحاجة إلى التكفير عن الأخطاء التي ارتكبناها، وتحمل الآثار التي خلفتها آلام الأسرة، وتعلم الدرس الذي تحاول أن تعلمنا إياه.