كتاب للشهداء للمؤلف غازي عبد الرحمن القصيبي.... "أتذكرين صبياً عاد مكتهلا، مسربلاً بعذاب الكون.. مشتملا؟ أشعاره هطلت دمعاً.. وكم رقصت، على العيون، بحيرات الهوى، جذلا، يا أمُّ جرح الهوى يحلو.. إذا ذكرتْ روحي مرارة شعب يرضع الأسلا، يفدي الصغار بنهر الدمِّ.. وقدسنا، مالي أقلّب
طرفي.. لا أرى رجلا؟! أرى الجماهير.. لكن لا أرى الدُوَلا، أرى البطولة.. لكن لا أرى البطلا، لا تذكري لي صلاح الدين لو رجعتْ أيامه.. لأرتمي في قبره خجلا، أين الكرامة.. هل ماتت بغصتها؟ أين الأباء.. أملّ الجبن فارتحلا؟ عجبت من أمة القرآن كيف غَدَتْ، ضجيعة الذلّ لا ترضى به بدلا، أسطورة السلم ما زلنا نعاقرها، يا من يصدّق ذئباً صادق الحملا! حمامة السلم.. حلمي أن أقطعها، وأن أعود بصقر يقنص الوجلا، "شارون" نحن صنعناه بخِشْيَتِنا، كم خشية صنعت من فأرة جبلا، تعملق القزم لما قُزّمت قمم، واستنسخت نملة من ذعرنا جملا، هات الفؤاد الذي ثار اليقين به، واقذف بي النصر.. أو فاقذف بي الأجلا". للشهداء مساحة في قلب الشاعر، في فؤاده، في أحاسيسه، انبتت من وحيهم معاني.. عبارات.. وقصائد، تطوف الأركان معلنة موت ذلّ وولادة كرامة، كان ثمنها دماءهم التي بذلوها في سبيل حق سلب، وقضية هي رهن عبث العابثين. ففي زمن الانسحاب من مواقع المسؤولية، وفي زمن نُقِضَت فيه العهود والوعود، يسترسل القصيبي، وبكلمات المحبطين، وبصرخة الموجعين، وبسخرية المستهزئين، يسترسل شعراً، قصائد، هي نفثة ألم، وهي شهادة حق، وهي نذيرٌ لهؤلاء الذين امتهز الصمت والانسحاب في حين كان عليهم الكلام والعمل.