كتاب ليس سهلاً أن تكون ملكاً: سيرة ذاتية للمؤلف الحسين بن طلال النيل والفرات: تتباين الدوافع لكتابة السيرة الذاتية، فبعض كتاب السير يعمد إلى توضيح جوانب حياته، أو تسويغ بعض الأعمال التي قام بها. وقد تكتب بعض السير بوحي مشاعر الحنين إلى الماضي. وثمة سير ذاتية يكون هدفها كسب المال، لأن أصحابها من المشاهير الذين يرغب
الناس في الإطلاع على خفايا حياتهم. وعلى الرغم من أن صاحب هذه السيرة-المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال (1935-1999م)-من أبرز الشخصيات السياسية في القرن العشرين، فإنه هدفه الأساسي في كتابة هذه السيرة الذاتية، التي وصفها في الفصل الأول بـ "المذكرات"، لم يكن كسب المال، لأنه في غنى عنه، بل الكشف عن الكثير من الحقائق الخفية، أو التي جرى تشويهها عمداً في وسائل الإعلام والكتابات المغرضة، سواء في أثناء وقوعها أو لاحقاً، والمتعلقة بجوانب من حياته الشخصية-إنساناً وملكاً-ومواقفه وإنجازاته، وبالأردن-بلداً وشعباً-وعلاقاته العربية والإقليمية والدولية، خلال الحقبة الزمنية التي تغطيها السيرة (بدءاً من ولادة الملك عام 1935، وانتهاءً بولادة نجله الملك عبد الله الثاني عام 1961). وهي من أخطر الحقب التي واجهها الأردن، لكثرة ما تعرض له من مؤامرات كانت تستهدف وجوده. ولعل من أبرز ما تتميز به هذه السيرة صدقها ووضوحها وجرأتها، وطابعها الأدبي الذي يضعها في مصاف الكثير من السير الذاتية التي كتبها أعلام الأدب والفكر في العالم، من حيث براعة الأسلوب والتركيز والحبكة والتشويق، وكأن كاتبها رجل تخطى سن الخمسين أو الستين، لا في بداية شبابه (26 عاماً حينما مكتبها). كما أنها-أي هذه السيرة-تكشف عن عمق ارتباط المغفور له الملك الحسين بالأردن-أرضاً وشعباً-وبأمته العربية، وحبه الصادق لهما، وتضحياته الكبيرة من اجل رفعتها وازدهارهما، وإيمانه العميق بالحرية والديمقراطية ودفاعه المستميت عنهما مهما كلفه ذلك من ثمن. وهو في كل ذلك إنما كان يستلهم مواقف جدة المؤسس المغفور له الملك عبد الله الحسين الذي استشهد بين يديه عند وبوابة المسجد الأقصى في القدس عام 1951 وكذلك مبادئ الثورة العربية الكبرى.