إذاً سوف لا تقتصر دراستنا على قراءة هذا الفكر كنتاج إجتهادي فحسب، بل ستتخذ استراتيجية جديدة تبحث فيها عن (فهم الإسلام) عبر الطرق المعرفية المعهودة وما يمكن أن يقدّم من جديد بهذا الصدد. وبذلك نكون قد حققنا هدفين معاً. فمن جهة أننا بهذه الطريقة سنتعرف على التراث من زاوية إبستمولوجية ومنهجية، وهي القضية التي وجدت لها إهتماماً بالغاً لدى الفكر المعاصر. كما يمكننا – من جهة ثانية - أن نطرق باب البحث حول (الفهم) المشار إليه عبر ما قُدّم ويُقدّم من طرق معرفية لهذا الغرض. لكن يظل الشاغل من حيث الأساس ليس التراث كـ «موضوع في ذاته»، بل تلك الآلية من الفهم بالخصوص. فالتراث منظور إليه كـ «موضوع لأجل غيره» لا «في ذاته». وبالتالي فالغرض من هذه الدراسة هو إبداء المقدمات التي يلزم معرفتها قبل الدخول بأي ممارسة معرفية للفهم المباشر. فهناك قواعد «منطقية» وشروط قبلية تتحكم بآلية الفهم، بدونها لا يمكن للفهم أن تقوم له قائمة.
ومما يهدف إليه هذا البحث هو فتح المجال لوضع البدائل المناسبة لطرق الفهم كأساليب «منطقية» تخضع إلى إعتبارات ما سنطلق عليه «علم الطريقة». وهو العلم الذي يجعل التنافس بين اختياراتنا خاضعاً لقانون «الراجح والمرجوح». والغرض من هذا المسعى هو البحث عن حل للأزمة الحضارية كما يمرّ بها واقعنا المعاصر، لأن أيّ نهضة حضارية نأملها لا تتحقق إلا بحل الإشكالية الخاصة بـ «الفهم». ولا نبالغ إذا قلنا بأن مشكلتنا من حيث الأساس هي مشكلة فهم قبل أي إعتبار آخر. فتاريخنا ومستقبلنا كلاهما رهين هذه الآلية التي تجري فينا مجرى الدم في العروق، فلا بالإمكان قطعها ولا التخلي عنها، وهي تؤثر فينا كتأثير الروح في الجسد، وكل ما يمكن فعله هو تجديد روحها بإعادة النظر فيها بضبط وإتساق...
كتاب مدخل إلى فهم الإسلام - يحيى محمد
كتاب مدخل إلى فهم الإسلام بقلم يحيى محمد..يُرفع بين الحين والآخر شعار (الحل الإسلامي) وسط الفشل الذي أصاب مختلف النظم الفكرية والسياسية في عالمنا العربي والإسلامي عموماً. ومع أن الحلول الحقيقية لا تكون بالشعارات، لا سيما عندما تكون خدّاعة كالشعار المذكور، إلا أن من الممكن تحويلها إلى نوع من الإشكالية المعرفية. الأمر الذي ينطبق على الشعار السابق لإرتباطه بإشكالية الفهم الديني، خاصة أنه لا يوجد حل جاهز متفق عليه، لتوقف ذلك على الفهم، وهو محل الإختلاف. وبالتالي كان لا بد من معالجة الأخير منهجياً؛ بعيداً عن المنزلقات المذهبية والصراعات الآيديولوجية الداعية إلى غلق الفكر الإسلامي عوض جعله حيوياً وقابلاً للتجدد باستمرار.
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.