كتاب مدرسة الإسكندرية بقلم القمص تادرس يعقوب ملطي ليس هذا دفاعاً أو مرافعةً بقدرِ ما هو بحثٌ تاريخي. تقص دقيق لكائنٍ كان في الأسطورة ذو مقامٍ عال رفيع. في بابل، في مملكةِ القداسةِ الساذجةِ الأولى، إحتلَّ هذا الكائنُ المرهفُ الحسِّ قمةً عالية. لكن قسوةَ خلفاءِ حمورابي، الذين حولوا المدنَ إلى قلاعٍ صماءَ شاهقةٍ عالية ثم إحترقوا فيها وهي صلصال،
كتبوا بعضَ خيوطِ هذه المأساة المروعة.البياضُ الطاهرُ للونِ، البراءةُ، الصفاءُ الروحي الذي يبدو في عينيه، الغفلةُ الكبيرةُ التي تحولتْ لعبودية، كلُ هذه السمات جعلتْ هذا الكائنَ ينحدرُ إلينا، يجيءُ بأعدادٍ وافرة هرباً من قسوةِ الشمالِ وحرائق مدنه.إنني على أعتابِ رسالةٍ سمها ما شئتَ لكن لا بدَّ لها من حمار. الرسالةُ موجودةٌ لكن الحمارَ غيرَ موجود. هل يمكنُ أن يذهبَ رسولٌ الآن بسيارة مثلاً؟ هذا غيرُ ممكنٍ ومضحك.حين نبدأُ من حمورابي نجدُ أن الأمرَ بحدِ ذاتهِ كان مشكلةً، هل وصل الحمارُ لدى تلك الحضارة السامقة إلى أن يكون إلهاً حتى أن اسمَ الحاكمِ إلتصقَ بهِ؟ أم أن ذلك راجعٌ لتشابهِ اسم الحاكم مع حمروةِ الأرضِ أو أن الأرضَ حمرّها البشرُ؟ وهم دائماً يلصقون بلادتَهم ووحشيتَهم بهذا الكائنِ العظيم الرقيق.