كتاب مدينة دسوق وقراها في العصر المملوكي بقلم أحمد عبد الفتاح..تميّزت مدينة “دُسُوق” طوال تاريخها، وفي العصر المملوكي على وجه التحديد بأنها كانت من المراكز التجاريَّة المهمَّة في وسط الدلتا؛ وذلك لوقوعها على الطريق المائي بين ساحل البحر المتوسط والقاهرة – عبر فرع رشيد، فكانت حلقة الوصل بين القاهرة والإسكندريَّة، وتميَّزت – أيضًا – بخصوبة تربتها؛ نتيجة وقوع الكثير من أراضيها على نهر النیل،وترسّب الكثير من الطمي بها، وقد ساعد هذا على كثرة بساتينها، ومزارعها، وتنوّع محاصيلها؛ ولهذا اهتمّ بها السلاطين والأمراء المماليك، وبخاصَّة في النشاط الاقتصادي، فكانت مركز نشاط وجذب ديني، وعلمي،وتجاري طوال العصر المملوكي.
وقد استمدَّت شهرتها من ضريح ومسجد العارف بالله الشيخ إبراهيم الدُسُوقي (653-696هـ = 1255-1296م)، وتُعدّ شهادة “شمس الدين السخاويّ” في كتابه “البلدانيات” خير شاهد على ذلك؛ حيث ذكر أن لها جلالة بالشيخ إبراهيم بن أبي المجد الدُسُوقي ذي الأتباع المعروفين بين طوائف الفقراء بالطائفة الدُسُوقيَّة والإبراهيميَّة، وقد شجَّعت مكانة الشيخ “الدُسُوقي” في قلوب الناس – على الرحلة إلى ضريحه، وجامعه، للزيارة، والتبرك، والاستماع إلى ما يذكر من مناقب، وكرامات، وأقوال الشيخ، مع ما يُصاحب ذلك – عادة – من إقامة الشعائر، وخطب الجُمَع، ودروس الوعظ، والإرشاد، وما يتخلَّلها من الآيات القرآنيَّة، وتفسيرها، وأحاديث نبويَّة، حتى غدا الجامع منارة علميَّة، ومقصدًا للزيارة، ومثار اهتمام من حكام البلاد، تمثِّل هذا الاهتمام في تجديده، وتوسعته في فترات متلاحقة، وحُبِسَ على المسجد الكثير من الأملاك، والعقارات يصرف ريعها على الجامع، والعاملين به، وطلاب العلم، وكانت الدراسة تسير فيه على منوال الجامع الأزهر.
وقد اقتضت طبيعة هذه الدراسة تقسيمها إلى مقدِّمة، وتمهيد، وأربعة فصول، وخاتمة، وعدد من الملاحق، ثم ثبت بالمصادر والمراجع التي اعتمدت علیها، وفهرس الموضوعات.
أمَّا المقدِّمة فتتضمَّن تعريفًا عامًا بالموضوع، وأهمّيته، وخطَّة البحث، ثمّ تحليل لأهم المصادر والمراجع.
وقد جاء التمهيد تحت عنوان: دُسُوق (نشأتها، وتطوّرها الإداري) تحدّثت فيه عن أصل التسمية، والموقع الجغرافي، والتطوُّر الإداري متتبّعا ذلك منذ أن كانت “دُسُوق” كورة تابعة لأبروشيَّة قسم ثاني بالوجه البحري، والتي كانت قاعدتها مدينة “كباسا” قبل الفتح الإسلامي لمصر، مرورًا بظهورها كقرية أو ضاحية تتبع كورة “شباس” في فترة الكور الصغرى بعد الفتح الإسلامي، وتابعة لكورة “السنهوريَّة” في فترة الكور الكبرى، وصولًا إلى ظهورها كمدينة تتمتَّع باستقلال إداري من نواحي أعمال الغربيَّة في العصر المملوكي.
وتناول الفصل الأوَّل: “قرى مدينة دُسُوق” تحدّثت فیه عن القرى القديمة المُنْدَرسَة، والقرى القديمة الباقية، والموقع الجغرافي لكل قرية، وأعلامها، وما ورد عنها في المصادر، والمراجع الجغرافيَّة، والتاريخيَّة المتنوِّعة.
وجاء الفصل الثاني تحت عنوان: “النشاط الاقتصادي في دُسُوق وقراها خلال العصر المملوكي” تحدّثت فیه عن أنواع الأراضي الزراعيَّة، وطرق الري، وأشهر الحاصلات الزراعيَّة، بالإضافة إلى العوامل التي أثَّرت على هذا النشاط، كما تحدّثت أیضًا عن الحيازة الزراعيَّة، وتطوّرها، ثم الثروة الحيوانيَّة، والسمكيَّة، وانتقلت إلى الحديث عن الحرف والصناعات، والنشاط التجاري، والنقل والمواصلات.
وحمل الفصل الثالث عنوان: “الحیاة الاجتماعيَّة في دُسُوق وقراها خلال العصر المملوكي” افتتحته بالحديث عن عناصر السكان المختلفة، وتأثيرها على أوجه النشاط الاقتصادي، والاجتماعي، كما تحدّثت عن رحلات السلاطين الترفيهيَّة، وتأثيرها الإيجابي والسلبي على المدينة، وانتقلت من هذه النقطة إلى الحديث عن العادات والتقاليد الاجتماعيَّة، والأعياد والاحتفالات، وأماكنها، ثم تحدّثت عن الأزمات التي حَلَّت بـ “دسوق” وقراها، وأثَّر ذلك على أوضاع المجتمع.
وخصّص الفصل الرابع للحديث عن: “الحياة العلميَّة في دُسُوق وقراها خلال العصر المملوكي”، تحدثت فيه عن النشاط العلمي بـ “دُسُوق”، وأهم العوامل التي كانت تقف وراء ذلك النشاط العلمي، وأشهر المؤسَّسات التعليميَّة بها، وأهم العلوم، ودور علماء “دُسُوق” في هذه العلوم، واستعراض مؤلفاتهم، وإسهاماتهم العلميَّة.