كتاب مذبحة الفجر بقلم رفيق حبيب..قام الانقلاب العسكري بتقويض كل العملية السياسية الديمقراطية، التي انجزت بعد الثورة، وبذلك وضع مصر أمام مفترق طرق، ولحظة تاريخية فاصلة، وهي لحظة فاصلة في المعركة بين الثورة والثورة المضادة، أو بين الثورة والنظام السابق. وقد تصرف القائد العسكري للانقلاب، بالصورة التي تؤكد لكل من يريد أن يعرف، أن الانقلاب العسكري أعاد بالفعل النظام السابق للحكم، ومنح الدولة العميقة الفرصة كاملة، للسيطرة على الدولة والمجتمع معا، ومنح أيضا شبكات الفساد، فرصة لاستعادة سيطرتها على مقدرات البلاد. ومع تقويض الديمقراطية بهذه الصورة، أصبحت مصر فعليا في معركة فاصلة لاستعادة الديمقراطية، وليس فقط استعادة الرئيس المنتخب، فالهدف الأكبر للانقلاب العسكري، هو تقويض الديمقراطية، وعسكرة النظام السياسي.
وجاءت مذبحة الفجر، أمام مبنى نادي الحرس الجمهوري، لتكشف عن مسارات الانقلاب العسكري، وتكشف أبعادا أخرى لمخطط الانقلاب العسكري؛ أي جاءت مذبحة الفجر، والتي تمثل حدثا تاريخيا فاصلا، لتتضح الصورة الكاملة للانقلاب العسكري، الذي حاول أن يزين نفسه بشعارات ثورية زائفة. وأصبحت مصر بعد مذبحة الفجر، أمام استحقاق تاريخي مهم، فإما يخضع المجتمع مرة أخرى للحكم العسكري، أو تستعاد الثورة مرة أخرى، ويكتمل تحرر المجتمع. ولأن المجتمع كان في حالةضعف بعد الثورة، ولم يتبع الثورة صحوة مجتمعية أو إفاقة مجتمعية، لذا لم يكتمل تحرر المجتمع، وسقط قطاع من المجتمع في غفلة، جعلت البعض يشارك في إعادة الاستبداد مرة أخرى، دون أن يدرك. ولأن الثورات، ليست فقط حالة احتجاج، بل هي إرادة شعبية واعية ويقظة، لذا فإن عدم نضوج الإرادة الشعبية، وعدم استكمال الإفاقة المجتمعية، وعدم نضوج الوعي العام، كلها أثرت على قدرة المجتمع، على مواجهة الثورة المضادة؛ حتى شارك البعض عن غير وعي في إنجاح الثورة المضادة مرحليا؛ وإن كان البعض الآخر، شارك عن وعي في إعادة الاستبداد والنظام السابق