"لم يقم أيّ نظام عربيّ ببناء معتقل أصيل، وهذه سمة جديدة تضاف إلى سمات الحقبة ما بعد الكولونياليّة، فالمعتقلات العربيّة الشهيرة كلّها بناها الاستعمار، وطوّرتها الأنظمة العربيّة، أضافت إليها الملاحق، والمنفردات، واستبدلت قاطنيها، خرج مقاومو الاستعمار، ودخل مقاومو الأنظمة، أو ما يسمّى
بالمعارضة، التي لم تثبت أيّ منها حسن النوايا، بحيث يمكن لشعب أن يفضّلها على أية موالاة، كما تجد في هذه المعتقلات من غير مقاومي الأنظمة أكثر من المقاومين، بطريق الخطأ، أو القدر. تبدو المفارقة الثقافيّة في كون "أبو غريب" السجن الوحيد الذي بني بإرادة عربيّة أصيلة عام 1960 بعد استقلال العراق، ليستخدمه الأمريكان في هذه الحقبة الكولونيالية الجديدة، وذلك على عكس السجون العربيّة كلها، فهل هي فرضية أخرى تؤكد ديالكتيكية العلاقة بين الفكر الكولونيالي الغربي والفكر العربي حينما يختصر في نظام سياسيّ!"