كتاب مستعمرات صغيرة من الناجين للمؤلف روبرت بلاي أحد أكثر الأسماء حضوراً وتأثيراً على ساحة الشعر الأميركي منذ نحو خمسة عقود، وتحديداً منذ 1962 سنة إصدار مجموعته الشعرية الأولى "صمت في حقول الثلج" التي نبهت النقاد إلى موهبته. منذ البداية اتخذ بلاي موقفاً مناهضاً عنيفاً،
كما تقول الناقدة لورا روزنتال، من الإرث الشعري الأمريكي متمثلاً في شعراء جيل ما بعد الحرب العالمية الأولى أي عزرا باوند وتي إس إليوت ووليم كارلوس وليمز، حيث كتب في مقالة بعنوان "منعطف خاطئ في الشعر الأمريكي" مهاجماً نظرة هؤلاء إلى الشعر بوصفه "شعراً جمالياً موضوعياً منصباً على الخارج، لا يعير اهتماماً للاوعي". معتبراً أن الشاعر ينبغي أن يتبع توجيهات راينر ماريا ريلكه بـ"الغوص داخل الذات"، كما يبرز ذلك في شعر شعراء أمريكا اللاتينيين من أكثال لوركا ونيرودا وماتشادو الذين كان أول من قدم أعمالهم إلى القارئ الأمريكي في الخمسينات من القرن الفائت من خلال مجلته المختصة بترجمة الشعر الأوروبي والعالمي "الخمسينات" (والتي صار اسمها يتغير مع كل عقد، ليصير "التسينات"، و"السبعينات"...). هذا الاتجاه نتج عنه في شعر بلاي ما بات يعرف اسم "الصورة العميقة" والتي يميز بينها وبين الصورة الفوتوغرافية، قائلاً: "الصورة باعتبارها اللسان الطبيعي للمخيلة، لا يمكن أخذها من العالم الحقيقي ولا إعادتها إليه"، في معادل آخر للسوريايلية التي تأثر بها الشاعر، لا سيما في بداياته الشعرية، كما يبرز بوضوح في مجموعته "صمت في حقول الثلج".