كتاب مصر للمصريين: مائة عام على الثورة العرابية بقلم مجموعة مؤلفين..ستظل الثورة العرابية وما حفلت به من أحداث جسام، وما غبرت عنه من معانى بليغة معلما من المعالم الأساسية للتاريخ النضالى المصرى. ذلك أن الثورة لم تكن فقط محاولة للتخلص من الهيمنة الأجنبية، ولكنها من خلال قيادة أحمد عرابى الذى إنعقد له لواء الإجماع المصرى الوطنى أثارت مطالب الشعب المصرى فيما يتعلق بالديمقراطية والحرية. وهذه الثورة أبلغ دليل على أن الشعب المصرى حين تختمر فى وعيه إرادة التغيير، وحين تتفاعل مع هذا الوعى الثورى القيادة التاريخية قادر على التمرد والتحدى، بما يتضمنه ذلك من مخاطر، يقبلها مصمما على الفعل، قاطعا بذلك سلسلة الحتمية الصارمة التى تتمثل فى تأثير العوامل الخارجية التى كانت دائما وأبدا هى الإستعمار الأوروبى والهيمنة الغربية، أو التى تتعلق بقوى المحافظة والرجعية الداخية التى تحاول فى العادة تعويق مسيرة قوى الشعب.
إن قدرة الشعب المصرى على التحدى لم تضعف عبر الزمن. وبالرغم من إخفاق عرابى وهزيمة الثورة إلا أنها كانت مدرسة رائدة للوطنية المصرية، إختبر فيها الشعب المصرى قدراته الحقيقية وجرب فيها قياداته، وتعلم منها إستراتيجية وتكتيك الثورة. لقد لعبت الثورة العرابية دورا بارزا فى تشكيل الوعى الوطنى لأجيال متعاقبة من المصريين، وأشارت لهم على الطريق الصحيح: ليس هناك مجال لمحتل أجنبى يسيطر على الإرادة المصرية، وليس هناك مكان لقيادة مصرية متخاذلة لا ترقى لمستوى الوعى الشعبى الثورى. إن من يقود مصر عليه أن يكون فى مستوى تقاليد الشعب المصرى فى الصمود والتحدى والثورة.
ولقد إختبرت إرادة الشعب المصرى عقب هزيمة يونيو 1967، وكان القرار التاريخى بالعبور فى حرب أكتوبر 1973، أبلغ دليل على أن الشعب المصرى ما زال وفياً لتقاليده الثورية، وأن تراث الثورة العرابية لم يضع سدى. إن هذا المؤلف الجماعى الذى شارك فى تأليفه مجموعة من خيرة المؤرخين المصريين ليس سوى تحية لذكرى الزعيم أحمد عرابى وللثورة العرابية فى مناسبة مرور مائة عام على قيامها.
